إنجاز طبي وإنساني رغم الحصار… أول مركز لزرع الخلايا الجذعية الدموية والمعالجة الخلوية للأطفال في الخدمة خلال أسابيع
أسابيع قليلة تفصل سورية عن دخول أول مركز لزرع الخلايا الجذعية الدموية والمعالجة الخلوية للأطفال بالخدمة معلنة معه إنجازاً طبياً وعلمياً تزداد أهميته وسط التحديات التي تواجهها البلاد جراء تداعيات الحرب والحصار الاقتصادي وبوابة أمل إنسانية تمنح شريحة كبيرة من الأطفال وأسرهم الأمل بالشفاء والتعافي.
المركز الموجود ضمن قسم خاص في مشفى الأطفال الجامعي بدمشق يشهد تحضيرات نهائية ليفتح أبوابه خلال الأسابيع القادمة ومعها فرصة لإنقاذ حياة الأطفال المصابين بأمراض الدم الوراثية وأمراض نقص المناعة الخلقية والأمراض الاستقلابية الخلقية والوراثية وسرطان الدم وبعض أنواع السرطانات الصلبة ويؤسس لاختصاصات طبية متطورة في سورية حسب القائمين عليه.
فكرة إنشاء المركز طرحت منذ 15 عاماً لكن إنجازه واجه تحديات كبيرة على مستوى البنية التحتية والتقنية وتأمين الأجهزة وطرائق العلاج المتطورة ليكون افتتاحه قريباً أحد أهم تجارب النجاح في تحدي الحصار الذي يمنع سورية من مواكبة المستجدات الطبية والبحثية العالمية وثمرة جهود تشاركية تضم فريق لجنة التحكم بالسرطان وفريقاً من الاختصاصيين ومؤسسات رسمية منها وزارات الدفاع والتعليم العالي والبحث العلمي والصحة.
ويستقبل المركز حسب مديره الدكتور ماجد خضر الأطفال المرضى من عمر شهر وحتى 14 عاماً ويتألف من قسمين اثنين وهما شعبة زرع الخلايا الجذعية المكونة من وحدة زرع الخلايا الجذعية وتضم 5 غرف عزل مجهزة بكل ما يلزم من بنية تحتية وتجهيزات طبية وتقنيات تعقيم وتهوية عالية لإجراء عمليات الزرع حسب المواصفات العالمية ووحدة بعد الزرع وتضم 3 غرف و4 أسرة ووحدة الإجراءات النهارية وتضم غرفة بـ 3 أسرة.
كما تضم شعبة زرع الخلايا الجذعية عيادة الزرع للمرضى الخارجيين وغرفة زيارة لتواصل المرضى مع أقاربهم عبر شاشات مرتبطة بالإنترنت لضمان سلامة الحالة النفسية للمريض وإبعاده عن الإحساس بالعزلة أو الوحدة.
أما القسم الثاني فهو مخبر زرع الخلايا الجذعية المجهز بأحدث الأجهزة التقنية ويضم السجل الوطني للمتبرعين بالخلايا الجذعية ووحدة فصل الخلايا الجذعية ووحدة التنميط النسيجي ووحدة التجميد التدريجي والغرفة النظيفة المحدثة حسب أفضل المواصفات العالمية والمخصصة لإجراء عمليات المعالجة الخلوية للخلايا الجذعية ودم الحبل السري بعقامة عالية الدقة.
وعن آلية عمل المركز أوضح خضر في تصريح للصحفيين أن الطفل يبقى في غرف الزرع مع والدته نحو شهر ونصف الشهر بالتزامن مع تحضير المتبرع بالخلايا وهناك نوعان للزرع ذاتي من المريض نفسه استطباباته قليلة أو غيري من متبرع من العائلة أو خارجها أو من دم الحبل السري.
وبين الدكتور خضر أنه تتم متابعة وضع المريض صحياً من 5 إلى 10 سنوات بعد الزرع مشيراً إلى أن الطاقة الاستيعابية للمركز قبول 5 أطفال بالوقت نفسه لتصل من 40 إلى 50 طفلاً سنوياً تقدم لهم كل الخدمات مجاناً رغم تكلفتها الباهظة التي تتجاوز 100 ألف دولار في دول أخرى موضحاً أن الأولوية للأطفال مرضى سرطان الدم ممن هم بحالة هجوع المرض أما باقي الحالات فيمكن تأجيلها لوقت محدد ونسبة الشفاء عموماً تتراوح بين 60 و 90 بالمئة حسب الحالة.
وأشار الدكتور خضر إلى أن المركز سيعمل على نشر ثقافة التبرع بالخلايا الجذعية في المجتمع عبر موقع إلكتروني خاص به مؤكداً عدم وجود أي تأثيرات على المتبرع حيث تسجل بيانات المتبرعين ويتم التواصل معهم عند الحاجة.
وفي تصريح مماثل بينت رئيسة اللجنة الوطنية للتحكم بالسرطان الدكتورة أروى العظمة أن المركز هو الأول من نوعه بسورية حيث يوجد في مشفى تشرين العسكري بدمشق مركز لزراعة الخلايا الجذعية الدموية للبالغين مشيرة إلى أن المركز إلى جانب دوره في تقديم الخدمات للأطفال المصابين بأمراض الدم وبعض أنواع السرطان له مستقبلاً دور بالمعالجة الخلوية ونواة لأبحاث الخلايا الجذعية لبعض الأمراض المستعصية.
ولفتت الدكتورة العظمة إلى أنه رغم التحديات الكبيرة إلا أن الإرادة والتصميم لدى فريق العمل أسهما في إنجاح المشروع وأصبح على أبواب الافتتاح ومن أبرز التحديات إنشاء البنى التحتية من النواحي الهندسية والمعمارية وتقنيات خاصة للحفاظ على حرارة ورطوبة وتعقيم الغرف فضلاً عن تحد مرتبط بتأمين الأدوية في ظل تداعيات الحصار لكونها أدوية نوعية.
والمركز حسب الدكتورة العظمة أول مركز طبي مؤتمت بالكامل في سورية وهو ثمرة الخطة التي وضعتها اللجنة الوطنية للتحكم بالسرطان.