أزمة سد النهضة تتفاقم وسط رفض مصري سوداني لقرار إثيوبيا ملء السد بالمرحلة الثانية
تتفاقم أزمة سد النهضة على نحو متسارع إثر إعلان إثيوبيا البدء بالمرحلة الثانية من ملء خزان السد مع إطلاق مصر والسودان تحذيرات شديدة اللهجة من خطورة هذه الخطوة وانعكاساتها على أمن واستقرار منطقة القرن الإفريقي.
وزارة الري المصرية قالت في بيان لها أمس إن قرار إثيوبيا ملء السد يعد انتهاكاً للقوانين والأعراف الدولية التي تحكم المشروعات المقامة على الأحواض المشتركة للأنهار الدولية مؤكدة رفض مصر القاطع لهذا الإجراء الأحادي الذي يعد كذلك خرقاً صريحاً وخطيراً لاتفاق إعلان المبادئ الموقع قبل ست سنوات فيما رفضت السودان هذه الخطوة الإثيوبية بشكل قاطع.
التحذيرات المصرية السودانية قوبلت بإصرار اثيوبي على المضي قدماً في عملية الملء الثانية لبحيرة سد النهضة المقام على نهر بالنيل الأزرق حيث أبلغت أديس أبابا رسمياً القاهرة أمس بدئها المرحلة الثانية من ملء خزان السد الذي يستوعب 74 مليار متر مكعب من المياه.
تطورات ملف سد النهضة ووصول المفاوضات بين الدول الثلاث المعنية (مصر والسودان وإثيوبيا) إلى طريق مسدود دفعت القاهرة إلى توجيه رسالة إلى رئيس مجلس الأمن بالأمم المتحدة لإحاطة المجلس الذي سيعقد جلسة خاصة حول قضية السد يوم الخميس المقبل بالتطور الخطير لبدء الملء الثاني للسد.
وفي سياق التشاور بين مصر والسودان حول هذه الازمة قالت وزارة الخارجية المصرية في بيان لها أمس إن وزير الخارجية سامح شكري التقى مع نظيرته السودانية مريم الصادق المهدي في نيويورك قبيل اجتماع مجلس الأمن وأكدا رفضهما لبدء إثيوبيا عملية الملء للعام الثاني لما يمثله ذلك من مخالفة صريحة لأحكام اتفاق إعلان المبادئء المبرم بين الدول الثلاث في آذار 2015 وانتهاك للقوانين والأعراف الدولية الحاكمة لاستغلال موارد الأنهار العابرة للحدود فضلا عما تمثله هذه الخطوة من تصعيد خطير يكشف سوء نية إثيوبيا ورغبتها في فرض الأمر الواقع على دولتي المصب وعدم اكتراثها بالآثار السلبية والأضرار التي قد تتعرض لها مصالحها بسبب الملء الأحادي للسد.
البيان أوضح أيضا أن الوزيرين اتفقا على ضرورة الاستمرار في إجراء اتصالات ومشاورات مكثفة مع الدول الأعضاء في مجلس الأمن لحثهم على دعم موقفي مصر والسودان وتأييد دعوتهما إلى ضرورة التوصل لاتفاق ملزم قانونا حول ملء وتشغيل سد النهضة يراعي مصالح الدول الثلاث ويحفظ حقوق دولتي المصب من أضرار هذا المشروع.
وبينما تتجه الأنظار إلى جلسة مجلس الامن الدولي حول أزمة السد بعد غد بناء على طلب تقدمت به تونس باسم كل من مصر والسودان وبمشاركة إثيوبيا المعارضة لانعقادها استبعد السفير الفرنسي لدى الأمم المتحدة نيكولا دو ريفيار ان تفضي الجلسة إلى حل للأزمة المذكورة.
وقال ريفيار للصحفيين: “لا أعتقد أن مجلس الأمن قادر بنفسه على إيجاد حل لقضية السد” معتبراً أن عودة البلدان الثلاثة المعنية إلى طاولة المفاوضات هي الحل الأفضل.
ومنذ عام 2011 تتفاوض مصر والسودان وإثيوبيا للوصول إلى اتفاق حول ملء وتشغيل سد النهضة الذي تبنيه أديس أبابا ليصبح أكبر مصدر لتوليد الطاقة الكهرومائية في افريقيا بقدرة متوقعة تصل إلى 6500 ميغاواط.
ورغم حض مصر والسودان إثيوبيا على تأجيل خططها لملء خزان السد حتى التوصل إلى اتفاق شامل أعلنت أديس أبابا في تموز من العام الماضي أنها أنجزت المرحلة الأولى من ملء خزان السد البالغة سعته 9ر4 مليارات متر مكعب كما ظلت تؤكد بعد ذلك عزمها على تنفيذ المرحلة الثانية من الملء والتي تتطلب تخزين 5ر13 مليار متر مكعب من الماء.
وفي الوقت الذي ترى فيه إثيوبيا أن سد النهضة ضروري لتحقيق التنمية الاقتصادية لديها تعتبره مصر تهديداً حيوياً لها إذ يعد نهر النيل مصدراً لنحو 97 بالمئة من مياه الري والشرب في البلاد كما تتخوف السلطات المصرية من التداعيات السلبية لملء السد بما تشمله من فقدان عشرات آلاف الأسر المصرية لمصدر رزقهم في قطاع الزراعة وحدوث موجات كبيرة من الهجرة إلى أوروبا وذلك بموازاة تحذيرات سودانية من تعقيد قضية سد النهضة وتحولها إلى سياسية أكثر من كونها فنية.