أخبار سوريةمحلياتملف ساخن

الصحافة تحاكم نفسها! هموم الصحفيين بـ”الجملة”.. فمتى ينصفون؟!

غيداء حسن
بإمكانيات متواضعة من مستلزمات العمل إلى مردود مادي لا يسد رمقهم ليوم واحد ووصفات طبية لا تشتري علبة دواء , وغيرها الكثير من الميزات التي يفتقدونها ويتمتع بها العاملون في النقابات الأخرى , هموم بالجملة يعانيها الصحفيون , بعضها مزمن و الآخر وليد الظروف الراهنة, كأنها استعصت عن الحل!
لا نظام مالياً موحداً
نشعر نحن الصحفيين بأننا نعمل في جزر متناثرة لا يجمعها نظام مالي موحد وعادل , فلكل مؤسسة نظامها الخاص المتعلق بالاستكتاب وسقوفه ,عبارات بدأ بها الزميل شوكت أبو فخر حول شجون الصحفيين , إذ تتباين الأرقام بين المؤسسات الإعلامية ويمكن تصنيف وضع الاستكتاب بثلاث طبقات: الأولى “التلفزيون وسانا” , حيث السقوف مرتفعة وما يتقاضاه المحرر المبتدىء يعادل ما يتقاضاه أمين تحرير في صحيفة “تشرين” أو “الثورة”, والطبقة الثانية صحيفة ” البعث” فهي خارج السرب المالي الحكومي ولها حساباتها وأنظمتها الخاصة , أما الثالثة فهي ” تشرين والثورة” والصحف الفرعية في المحافظات التابعة لمؤسسة الوحدة , وهنا تتجلى المظلومية والبون الشاسع بين الصحفيين العاملين في المؤسسة وزملائهم في المؤسسات الأخرى . ومن هنا يمكن القول : إن ثمة معايير مزدوجة في التعاطي المالي على مبدأ ” خيار وفقوس” بذريعة أن مؤسسة الوحدة ذات طابع اقتصادي وأن هذا التصنيف أو التسمية مقدسة ولا يجوز المساس بها وتعديلها تبعاً للظروف والمستجدات كي يصار إلى إنصاف العاملين في هذه المؤسسة صحفيين وموظفين .
إحباط ولا جدوى
يضيف أبو فخر : علاوة على ضحالة الاستكتاب , فالصحفي مطالب اليوم بالعمل والدفع من حسابه الخاص لمواءمة العمل الإلكتروني من دون تأمين أدنى مقومات العمل وافتقار الأغلبية العظمى من الزملاء لأدوات مناسبة , فضلاً عن الظروف العامة التي تفرض نفسها وتعوق العمل وعند المطالبة من الزملاء يكون الجواب جاهزاً : هذه هي الظروف و”دبروا راسكم” . كل ذلك دفع الصحفيين إلى حالة من الإحباط واللاجدوى من العمل , لذلك نجد حالات التفكير بالاستقالة أو التقاعد المبكر للخروج من عنق الزجاجة بأقل الخسائر ولاسيما أن المستقبل المتعلق بما يتقاضاه الصحفي من صناديق الاتحاد لا يسمن ولا يغني من جوع ويعيشه الصحفيون من دون أن تكون هناك بادرة أمل بتحسن الأوضاع بالنظر إلى أن عماد هذا الاتحاد الرئيسي مادياً ما يتم اقتطاعه من استكتاب وحسميات على أعضائه ليصار إلى إعطائهم الجزء اليسير منها بعد التقاعد، ولو سنحت الفرص لما وجدنا أحداً من الصحفيين يعمل بمؤسسته , وهذه حقيقة لا يمكن إخفاؤها بالشعارات, فالشعارات لا تطعم خبزاً أو تداوي مريضاً , ويرى أن صورة الاتحاد اليوم لا تختلف عن صورة الاتحاد السابق وتجلى ذلك في انتخابات الاتحاد حيث غابت النزاهة والموضوعية وحضر الاستنساب .
الكيل بمكيالين
وتطالب الزميلة يسرى المصري بتقديم الدعم المادي للإعلاميين وعدم الكيل بمكيالين فيما يتعلق بتعويضات الاستكتاب والحوافز ما بين مؤسسة إعلامية وأخرى, إضافة للتحفيز المعنوي للإعلام الوطني وتأمين كل ما يلزم لاستمرار قيامه بمهامه .ولاسيما أنه خلال مختلف الأزمات التي مرت بها البلاد أثبت الإعلام السوري أن لديه مجموعة كبيرة من الكوادر الوطنية تتمتع بالخبرة والكفاءة والمهنية وتستحق التقدير لما بذلته من جهود استثنائية لاستمرار العمل وتحمل الأعباء في أصعب الظروف.
خدمات لا تغني من جوع
يؤكد الزميل د. عدي سلطان أن اتحاد الصحفيين يحصّل اشتراكات بالغة مقابل خدمات لا تسمن أو تغني من جوع، ودوره غائب في حماية الصحفيين , حيث لا تسهيلات لهم للقيام بمهامهم أو حقوق وامتيازات. أما الأرض التي كانت للاتحاد وكان مقرراً إقامة مشروعات سكنية عليها للصحفيين فعادت لوزارة الإسكان وفقد الاتحاد قدرته على المطالبة بها بسبب الإهمال والتقصير .
15ألف ليرة فقط
تقول الزميلة خديجة محمد: اتحاد الصحفيين تنظيم مهني نقابي من مهامه التي نص عليها القانون رقم ( ا) في المادة الثانية الفقرة( ٩) رفع مستوى الصحفيين معنوياً ومادياً ومهنياً وحمايتهم من البطالة وتأمين شيخوختهم وضمان معاش تقاعدي لهم والدفاع عن حقوقهم , وهنا بيت القصيد , فهل يعقل أن الراتب التقاعدي للصحفي مهما علت سنوات الخدمة هو (١٥) ألف ليره فقط وهو مبلغ يكاد لا يكفي ثمن علبة دواء في هذه الأيام، كما أن المتقاعد تسحب منه بطاقة الضمان الصحي وهو بمرحلة عمرية يكون فيها بأمس الحاجة للأدوية والعلاج. متسائلة : إذاً أين ضمان شيخوخته؟ كما يفترض أن يكون الراتب التقاعدي مثل النقابات الأخرى كحد أدنى ٥٠ ألفاً.
وهذا يتطلب تأمين السيولة النقدية التي تغطي بند الرواتب وبالتالي لابد من رفع نسبة الـ ٢% من الإعلانات لتكون ٥% وتشمل كل الإعلانات العام والخاص وريعها طبعاً لصالح صندوق التقاعد , وأيضاً العمل الحثيث لاستثمار مشروعات الاتحاد لتغذية صناديقه ، لافتة إلى ضرورة الإسراع بإصدار قانون الإعلام وعدم محاكمة الصحفي أو توقيفه بقضايا الرأي لأن حرية التعبير والنشر مصانة ويفترض أن يكون الاتحاد حاضراً للدفاع عن أي صحفي إذا تعرض للمساءلة وأن يغلب القانون الخاص على العام .
طبيعة عمل هزيلة
الزميل خير الله علي يرى أن حال الصحفي اليوم في سورية ينطبق عليه المثل : طبيب يداوي الناس وهو عليل , إذ إن مجمل ما يتقاضاه من تعويضات لا يكفيه أجور تنقل، عدا صعوبة الحصول على المعلومة ، فكيف يمكنه أن يعمل في ظروف كهذه؟ وربما المشكلة التي تم تسويفها كثيراً وتحتاج إلى حل تتعلق بتعويض طبيعة العمل الهزيلة وهي 6,5% من الراتب، هذا من جهة طبيعة العمل في المؤسسات الإعلامية الرسمية, إضافة إلى مشكلات أخرى، أما فيما يتعلق بدور الاتحاد فهناك أمور مرتبطة بالسلطة التنفيذية كرفع تعويض طبيعة العمل والاتحاد يعمل من أجل ذلك منذ سنوات لكن من دون جدوى، وثمة قرارات تتحمل إدارته مسؤوليتها، مضيفاً : لا أستطيع أن أفهم كيف يستثمر الاتحاد كل ممتلكاته حالياً بالأسعار الرائجة من دون انعكاس ذلك على تعويض الضمان الصحي الذي هو الآن /30/ ألف ليرة للقائمين على عملهم و/25/ ألفاً للمتقاعدين وهذه مبالغ لا تشتري حاجة شخص من “السيتامول” على مدى عام، ولماذا لم تنعكس أيضاً على الراتب التقاعدي الهزيل للصحفيين وهو /15/ ألف ليرة ؟
مجلس الإدارة يقرر الاستكتاب
حول ما طرحه الزملاء يقول رئيس اتحاد الصحفيين موسى عبد النور : موضوع الاستكتاب من المطالب التي ننقلها من خلال المؤتمرات والاجتماعات فيما يتعلق بالفوارق بين المؤسسات بحد ذاتها , وهذه قضايا تقر من خلال مجالس الإدارة والنظام المالي لكل مؤسسة إعلامية , كما ننقل أن هناك فرقاً في الاستكتاب بين من يكتب في الصحف المركزية في دمشق ومن يكتب في المحافظات , وهناك ضعف شديد بمستلزمات العمل في الصحف المحلية و المكاتب الصحفية , ما يؤثر في مستوى العمل , وهذا الوضع صعب جداً بسبب الحرب التي تشن على سورية, والإجراءات القسرية التي أثرت في هذا الجانب، ونحاول أن نوصل هذا المطالب للإدارات والوزارة. موضحاً أن مجلس الإدارة يقرر موضوع الاستكتاب والتعويض للمادة و يصدر بقرارات حتى من رئاسة مجلس الوزراء ولم نسمع عن مطالبات إلا فيما يتعلق بالمؤسسة نفسها , أما المساواة بين مؤسسة الوحدة ومن يعمل في “التلفزيون وسانا” فلم نسمع عنها , و هناك محاولات من مؤسسة الوحدة لإنصاف الصحفيين وتعديل النظام الداخلي وربما من أجل أن تكون ذات طابع إداري وليس اقتصادياً .
يأخذ أكثر مما يدفع
حول ما يتم حسمه من تعويضات للصحفي وما يقدم له بينّ رئيس الاتحاد أن النسب محددة وواضحة وهي 2.5 % للصندوق التعاوني والصحفي يأخذ أكثر مما يدفع , فالصندوق التعاوني تكافلي , هناك من يستفيد نتيجة ظرف معين وربما يوجد من لم يقدم وصفة حتى الآن وفي جانب يتعلق بالحسميات هناك حسم 5 % من الراتب لصندوق التقاعد وهذا يأخذ عليه راتباً تقاعدياً في نهاية خدمته , ومن يطرح أرقاماً كبيرة تقتطع منه فعنده استكتاب أو بونات أو تعويض برامجي عال جداً . أما عن طبيعة العمل الهزيلة وتحمّل إدارة الاتحاد مسؤولية ذلك فيقول : أين مسؤولية الاتحاد إذا كنا نطالب بهذا الأمر منذ 15 سنة وجاءتنا أربعة ردود للتريث, فماذا يمكن للاتحاد أن يفعل سوى المطالبة , و أعتقد أن هذا الموضوع في طريقه للحل وقد يكون هناك قريباً قرار برفع طبيعة العمل إلى 13% ولكن حتى هذه نراها قليلة إلا أننا الأقل نحقق الجزء الأول من هذا الأمر .
تحكمها المصلحة
وعن غياب النزاهة في الانتخابات قال : فرز الأصوات كان على الملأ أمام الزملاء على الشاشة , أما من له ملاحظات حول تكتلات معينة وسلوك معين فهذه هي الانتخابات وقلت دائماً قبل الانتخابات تسود المحبة والمشاعر الصادقة ولكن ربما تأتي الانتخابات ليكون عكس ذلك لأن الانتخابات دائماً تحكمها المصلحة .
أرقام مخجلة
فيما يتعلق بالراتب التقاعدي يقول رئيس الاتحاد : حتى لو قلنا إن الراتب حالياً أصبح عشرين ألفاً فهو لا يساوي ثمن علبة دواء ، والأرقام التي يقدمها الاتحاد وصناديقه أرقام دون الطموح ومخجلة حقيقة , وللأسف سابقاّ لم يول الاتحاد كثيراً موضوع الاستثمارات أهمية لذلك , وعندما أولاها المكتب التنفيذي الأسبق كانت الحرب , إذ كان هناك مشروع في خان العسل تم العبث به وهو بحاجة لترميم وهناك فندق في الحسكة تحت سيطرة ميليشيا “قسد” الانفصالية ، ونحاول أن يكون هناك مشروع يرمم هذه الأرقام وبالتالي يكون ما يستحقه الصحفي من خدمات سواء وصفات طبية أو عمليات جراحية أو راتبا تقاعديا, عدا الحالة العامة فيما يتعلق بما كان يقدمه الاتحاد قياساً لما جرى على الوضع الاقتصادي في سورية، تأثر به الزملاء والاتحاد بشكل كبير .
عبر قانون الإعلام
ويرى أن مساءلة الصحفي يجب أن تكون عبر قانون الإعلام وليس عبر أي قانون آخر وحتى ليس عبر قانون تنظيم الشبكة ومكافحة الجريمة المعلوماتية عندما يكتب على صفحته الشخصية , لكن قضايا الرأي هناك بالتأكيد بيئة تشريعية تحكم قضايا النشر، والشيء الإيجابي فيها أنها كفلت حرية التعبير بالنسبة للصحفي , ولا رقابة مسبقة على الإعلام وعلى وسائل الإعلام في سورية , كما صانت مصادر الصحفي, فلا يمكن مساءلته عن مصدر معلوماته إلا أمام القضاء وفي جلسة سرية. ونحاول أن تكون مساءلة الصحفي في حال تجاوزه محظورات النشر عبر قانون الإعلام فقط .
استثمارات الاتحاد
وعن استثمار الممتلكات بالأسعار الرائجة من دون انعكاس ذلك على الصحفي يقول : أي رقم يتعلق بالقضايا الصحية نقدره بعيداً عن أي حالة مرضية أو عملية جراحية وهذا الرقم لا يغطي , و للأسف الاستثمارات قليلة جداُ , فهناك استثمار لنادي الصحفيين، وهناك مسألة عالقة الآن أمام القضاء، فالمشروع ليس بالأسعار الرائجة لأنه حصل تغير على الأسعار بعد تعهيد النادي للمشغل , والموضوع الآخر مقر الاتحاد وهذا يرمم بعض الواردات سواء الصندوق التعاوني أو صندوق التقاعد أو حتى بالنسبة للاتحاد فيما يتعلق بالمصاريف, لكن الشيء الأساسي أن يكون هنالك مشروع استثماري بدخل يمكن أن ينقذ الصحفيين بالنسبة للخدمات التي يقدمها الاتحاد وإن شاء الله تكون عبر تعهيد خان العسل أو تعهيد جديد للنادي وممكن أن تنعكس إيجاباً على الصحفيين .
لا ندري متى يصدر
وعن رفع نسبة الإعلان يقول : تقدمنا بطلب إلى رئاسة مجلس الوزراء وتم تحويله إلى اللجنة الاقتصادية وإلى لجنة التنمية البشرية و طلب من وزارة الإعلام أن ترفع مقترحا بصك تشريعي من أجل رفع هذه النسبة، وقرر مجلس الوزراء حتى عام 2020 الموافقة على رفع هذه النسبة من 2% إلى 4% وقامت الوزارة بما عليها وتم رفع الموضوع إلى رئاسة الوزراء وأبلغنا منها بأنه رفع إلى الجهات المعنية ولا ندري متى يصدر !
دعوى لطي القرار
يضيف رئيس الاتحاد : تمت المطالبة مراراً بأن يكون لاتحاد الصحفيين جمعية تعاونية سكنية خاصة بهم , لكن رئاسة مجلس الوزراء قالت إن موضوع الجمعيات مطروح بشكل عام وليس على نطاق الصحفيين فقط, وربما الأرض التي تحدث عنها الزميل هي أرض الديماس وهي مخصصة لإقامة مشروع استثماري وليس سكنياً وهذه مسألة تعالج حاليا , فهناك دعوى من أجل طي قرار وزير الإسكان القاضي بإلغاء التخصيص .
بدورنا نقول: في ظل الظروف الاقتصادية الخانقة التي تضطر الصحفيين للعمل في الإعلام الخاص كملاذ واستقطابه لهم بتعويضات منصفة , تظهر الحاجة الماسة لحلول سريعة, وإلا لن نحافظ على من تبقى منهم , وسنرى مؤسساتنا الإعلامية خاوية من كوادرها , فهل سيطول الانتظار ؟

تشرين

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى