فنان يحول آلاف الكتب لوجوه المشاهير ..!
هناك العديد من الطرق المختلفة لتنظيم المكتبة . يفضل بعض الأشخاص تصنيف الكتب حسب العنوان أو اسم المؤلف، ويجد البعض الآخر متعة في ترتيب الأغلفة حسب لونها، إلا أنه يبدو أن الفنان التشكيلي Jordi Prat Pons له وجهة نظر مختلفة حول هذا الموضوع، ذات منهج إبداعي مدهش، فهو يقوم بترتيب كتب المكتبة بطريقة فنية ينشئ من خلالها صورًا ضخمةً لوجوه مشهورة من خلال تنسيقات الكتب وأغلفتها، حتى أنه قام بتصميم صورة لفينسنت فان جوخ بأعمدة من 2400 كتاب.
حيث انه يستخدم قصاصات من الملصقات والصحف والكتب وأغلفتها لخلق عالم منظم إبداعي حول مواضيعه في فن البورتريه، حيث يمنح استخدام التقنيات المتعددة عمله حداثة رائعة، حتى لو كانت كلاسيكية من حيث المبدأ، ومن ثمّ يتم إحياء أعمال برات بونس الساكنة، خاصة وقد أخرجها من الزاوية التقليدية المصمتة للفن الكلاسيكي، على أن ما يقدمه من أفكار تكون مثيرة لاهتمام الشباب بشكل لافت، وهو ما يجده عبر مختلف التعليقات على صفحاته على السوشيال ميديا.
على الرغم من أن التشكيلي الأسباني برات بونس بالأساس مصور زيتي ولديه العديد من اللوحات الزيتية المبدعة، إلا أنه من الواضح أن جُنة الإبداع الفني لديه تتجه أحيانًا نحو فن النحت، وعلى الرغم من أن الموضوعات التي يجنح لها نحتيًا غالبًا ما يتم تصويرها بطريقة مدهشة مفرطة الواقعية، وعلى الرغم من صعوبة تصنيفها إلا أنها تندرج تحت طائفة التصوير النحتي والتي يمزج بها فن الكولاج بالوسائط الأخرى.
لطالما كان بونس يقوم بإنشاء العديد من اللوحات بفن الكولاج لأكثر من 30 عامًا، حيث يجد مصدر إلهامه وبشكل خاص في العمل مع الورق والكتب.
يتم التبرع بالعديد من مواده من الكتب (أدواته الفنية) من قبل الأصدقاء والمتابعين له والمتذوقين لفنه، بينما يحصل على البعض الآخر من خلال التبرعات ومتاجر التوفير.
بعد تلقيه حوالي 8000 كتاب، بدأ الفنان التشكيلي الأسباني العمل على صورة للفنان العالمي فينسنت فان جوخ خلال جائحة COVID-19. حيث حاول الاستفادة من الإغلاق، وعمد لتكريم أحد أعظم الأفراد في عالم الفن.
يقول بونس : “كان فينسينت يكتب طوال حياته رسائل لأخيه ثيو وبعد سنوات نُشر كتاب بعنوان رسائل إلى ثيو، وقد تأثرت كثيرًا بالكتاب، فأردت أن أشكر فينسنت على كل ما قدمه لعالم الفن وما قدمه للعالم بشكل عام. وأردت أن أرسل له بعض الرسائل لأشكره على كل شيء من خلال هذا العمل”.
يبدأ برات عمله في نحت البورتريه عبر الكتب بعمل اسكتش للوجه المطلوب موضحًا أماكن الإضاء والظلال ومتخيلًا شكل الخلفية، ثم يقوم برات بتكديس الكتب ذات الألوان الداكنة بدقة، والتي تتراوح من الأسود إلى العنابي إلى الأزرق، لتقديم الخلفية المظلمة.و يتم وضع معظم هذه الكتب والأغلفة في أكوام أفقية، ولكن في بعض الأحيان، يتعين عليه مراعاة الحجم غير المتطابق عن طريق وضع الكتب عموديًا. تشكل هذه الألوان المتوافقة إطارًا للصورة نفسها، والتي ينشئها بلوحة من الأصفر الباهت والأحمر والأبيض. نتيجة لوضعه الدقيق، تبدو الصورة مشابهة بشكل ملحوظ لصورة الفنان الهولندي ما بعد الانطباعية من بعيد.
وقد قام بونس بعمل لوحة منحوتة لمارتن لوثر كينج جونيور، ولقطة أخرى مقربة لديفيد لمايكل أنجلو باستخدام نفس الطريقة. حيث يأمل في إنشاء المزيد من المنحوتات الكتابية في المستقبل.
فانه استطاع فرض نفسه بشكل طبيعي على الأصالة والحرفية والشعر والعفوية الإنسانية والموسيقى الصامتة والتنفيذ الرائع، وهو ما يستشعره المتلقي بأعماله كفنان تشكيلي، فلطالما يجنح برات لاستعادة الزمن الجميل عبر شغفه بتكريم الرموز القديمة، وهو ما يقدمه عبر تكديس آلاف الكتب لتظهر وجوه المشاهير بأدق التفاصيل، كما هو الحال في باقي أعماله والتي تضمنت سلسلة الملصقات الإعلانية من الخمسينيات والستينيات والسبعينيات، حيث يمكن للمتلقي ملاحظة أسلوب Pop Art حيث اجتياح ثقافة السوق الجماهيرية والاستهلاك غير المنضبط، وهو ما استطاع برات إظهاره بقوة في تكويناته والتي اتخذت مسارًا مختلفًأ حيث أعماله تحولت لكون مزخرف ملئ بالحياة والنبض، وهو ما منح موضوعاته معاصرة مذهلة، لا يمكن تخطيها.