تحقيقات

كيف نحمي الطفولة من التفكك الاسري؟..

موقع لأجلك سورية الإخباري – هيام طعمة..

عندما يشتد الصراع ويتعالى الجدل وتكثر المشكلات بين الأبوين، تعيش العائلة بحالة من عدم الاستقرار والاضطراب ، ومع استمرار هذه الحالة يتولد التفكك الاسري الذي يؤثر على الصحة النفسية للأطفال فتتولد لديهم سلوكيات سيئة في ظل انشغال الوالدين بمشكلاتهم وصراعاتهم..  فكيف نحمي الطفولة من التفكك الاسري؟..

الاختصاصية في مجال التربية المقارنة والادارة التربوية الدكتورة رامه علي حمود أكدت لموقع لأجلك سورية الإخباري أن التفكك الأسري هو مصطلح يشير إلى فقدان جسور التواصل الآمن والفعّال بين الآباء والأبناء نتيجة انفصال الوالدين المباشر وتواجدهم في أماكن مختلفة عن أماكن تواجد الأبناء، أو الانفصال غير المباشر الذي يشير إلى التواجد الجسدي فقط في مكان واحد للآباء مع الأبناء، وبالتالي تنعدم أساليب التواصل والحوار فيما بينهم وهو النوع الأشد خطراً وتأثيراً على الحالة النفسية للطفل، وتشير الدراسات إلى أنّ خبر انفصال الوالدين يعدُ أشدُ وطأة على الأبناء من خبر وفاتهما..  

(( حمود : الانفصال الناجح أفضل بمئة مرة من علاقة زوجية فاشلة أي ما يعرف بالتفكك الأسري))

ورأت الدكتورة حمود أن هناك بعض المؤشرات التي تظهر لنا سوء الحالة النفسية لدى بعض الأطفال نتيجة التفكك الأسري ، منها تدني مستويات التحصيل الأكاديمي، والانطواء المرضي والعزلة وصعوبة التواصل مع المحيط، واحيانا تتولد لدى الاطفال حالات من العنف اللفظي أو الجسدي، وأحيانا أخرى تصيبهم حالة من التوتر والخوف الدائم والتي تؤدي إلى صعوبة تكوين علاقات جيدة مع الأقران..

وأشارت الدكتورة حمود لموقع لأجلك سورية الاخباري إلى أن الخطأ الأكبر الذي يرتكبه الاهل أثناء معالجة هذه الحالات يتجلى في أن بعض الآباء يتجهون إلى تعزيز ثقة الطفل بنفسه من خلال الأنشطة الرياضية والموسيقية، بدلاً من الاتجاه إلى تحسين أساليب التواصل الفعّال فيما بينهم حتى بعد الانفصال الحقيقي، وبالمجمل فإن الانفصال الناجح يعد أفضل بمئة مرة من علاقة زوجية فاشلة أي ما يعرف بالتفكك الأسري أو الانفصال غير المباشر، لذلك نحن بحاجة إلى ما يسمى بالانفصال الصحي وهو ذلك النوع الذي لا يستخدم فيه الأطفال كوقود لتبرير حالة الانفصال..

(( أقبيق : التفكك الاسري من اخطر المشكلات الاجتماعية المسببة لانحراف الاطفال))

المحامية والناشطة في شؤون الاسرة الاستاذة ساهير أقبيق أوضحت لموقع لأجلك سورية الإخباري أن التفكك الاسري عبارة عن انهيار العقدة الأسرية وانحلال بناء الادوار الاجتماعية بين الابوين والابناء، ولا يقتصر وجوده على وفاة أحد الوالدين أو الطلاق، فهناك أسر عديدة تعاني التفكك رغم عيشهم في منزل واحد  كحال الاب الحاضر الغائب والام الحاضرة الغائبة، ويعد التفكك الاسري من أخطر المشكلات الاجتماعية المسببة لانحراف الاطفال نتيجة شعورهم بعدم الامان الاجتماعي والفقد العاطفي الذي سيؤثر على صحتهم العقلية ونموهم السليم، وإحساس الفقد هنا لا يعني فقدان المنزل بل فقدان الحياة بأكملها، فتبدأ رحلة البحث عن بديل للوسط الاسري مما يدفعهم للجنوح وارتكاب سلوكيات منحرفة غير سوية، فترتفع معدلات الجريمة وتزداد الامراض النفسية وحالات الفشل الدراسي.

وعن علاج التفكك الأسري اكدت المحامية آقبيق لموقع لأجلك سورية الإخباري انه لابد من علاج المشاكل الاسرية بداية، وتعزيز التواصل الفعال، وتهيئة الجو العائلي السليم، حتى يدرك الزوجان ان الحياة الزوجية شراكة اجتماعية رأس مالها الرحمة والالفة، وليست ميدانا للسيطرة والتحكم، ولا يتحقق الأمن الأسري إلا بسعي العائلة لحل مشاكلها باسلوب راق، وتواجد الابوين العاطفي والروحي مع الابناء فيخف الضغط الاسري ويلتم الشمل وتُسعد الأُسر..

(( لحلح : التفكك الأسري يؤثر على الجانب الاجتماعي للطفل فيعاني من صعوبات في التواصل وبناء الصداقات ))

المدربة الدولية بالتنمية البشرية الدكتورة ولاء لحلح أشارت لموقع لأجلك سورية الإخباري أن التفكك الأسري ينعكس سلبا على حياة الطفل، ويعرضه لتأثيرات نفسية واجتماعية خطيرة، وترجع أسبابه لعوامل عدة  كالمشاكل والصراعات الزوجية، العنف الأسري، اضطرابات الإدمان، أو التغييرات الاقتصادية، ورأت أن للتفكك الأسري تأثيرات جسيمة على الطفل فربما يعاني من مشاكل نفسية مثل القلق، الاكتئاب، وضعف الثقة بالنفس، والفوبيا الاجتماعية، وقد يشعر بالحزن والغضب والإحباط لفقدان الأمان والاستقرار الذي كان يشعر به في الأسرة، وربما يؤثر التفكك الأسري على تطور العلاقات الاجتماعية للطفل فيعاني من صعوبات في التواصل وبناء الصداقات مع اقرانه، واحيانا يولد التفكك الأسري سلوكيات سلبية للطفل تتمثل  بالعدوانية والتمرد وعدم الانضباط في المدرسة أو المجتمع ..

واضافت الدكتورة لحلح أن الطفل بحاجة ماسة إلى الدعم العاطفي والرعاية اللازمة للتعامل مع تفكك الأسرة، لذلك على الآباء والأمهات أن يكونوا مدركين لاحتياجات الأطفال وأن يوفروا بيئة داعمة ومستقرة وايجابية لهم، ومن الجيد الاستعانة بالمساعدة المهنية مثل المستشارين الأسريين أو الأطباء النفسيين لمساعدة الطفل على التكيّف والشفاء، فالتفكك الأسري –بحسب الدكتورة لحلح- يمكن أن يترك آثاراً عميقة على التطور النفسي والاجتماعي للطفل، وبالتعاون مع الرعاية المناسبة والدعم العاطفي، يمكن للطفل تجاوز هذه التحديات ويصبح شخصاً قوياً صحياً وعاطفياً ويستطيع الاندماج مع الآخرين، ويكون علاقات اجتماعية ناجحة ليكون في المستقبل عضواً فعّالاً ومنتجاً في المجتمع ..

اذن فالدفء العائلي والترابط الأسري يساعدان الطفل على اكتساب مهارات التعامل مع الآخرين، ويسهمان في إفراز هرمون السعادة لجميع أفراد الاسرة، كما تساعد العلاقات القوية داخل الأسرة  في حل المشكلات النفسية الكثيرة التي يتعرض لها الطفل مثل القلق والتوتر والاكتئاب..

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى