لقاءات

الاحتيال عن طريق شبكة الانترنت هل يعتبر جريمة يعاقب عليها القانون ؟

لأجلك سورية – خاص

كثرت في الآونة الأخيرة حالات النصب والغش والاحتيال على الناس عبر وسائل التواصل الاجتماعي، وقد وردت إلى موقع لأجلك سورية الإخباري العديد من التساؤلات حول هذا الموضوع وفيما إذا كان القانون السوري يعاقب عليها أم لا؟.

وفي إطار الرد على هذه التساؤلات التقى موقع لأجلك سورية الإخباري مع المحامي ملهم حسن قاسم الذي أكد أن عملية الاحتيال والنصب عبر وسائل التواصل الاجتماعي وخصوصا الفيسبوك والتليجرام تعد جريمة يعاقب عليها القانون، مشيراً إلى أن المشرع السوري لم يعرّف الاحتيال عبر الشبكة في قانون مكافحة الجريمة المعلوماتية، ويمكن تعريفه بأنه: ((الاستيلاء على مال الغير بالخداع عبر الشبكة أو الأجهزة الحاسوبية))، ويتمثل الاحتيال في قيام الجاني بخداع المجني عليه بوسيلة معلوماتية، فيقع هذا الأخير في الغلط ويسلم ماله إلى الجاني، لافتا إلى أن المادة 21 من قانون مكافحة الجريمة المعلوماتية تنص على ما يلي:
أ- يعاقب بالحبس من ثلاث إلى خمس سنوات والغرامة من خمسمئة ألف إلى مليونين ونصف مليون ليرة سورية، كل من استولى، باستخدام الأجهزة الحاسوبية أو الشبكة، على مال منقول أو عقار، أو معلومات أو برامج ذات قيمة مالية، أو سند يتضمن تعهدا أو إبراء أو أي امتیاز مالي آخر، وذلك عن طريق خداع المجني عليه أو خداع منظومة معلوماتية خاضعة السيطرة المجني عليه، بأي وسيلة كانت.
ب- وتكون العقوبة الاعتقال المؤقت، والغرامة من خمسمئة ألف إلى مليونين ونصف مليون ليرة سورية، في الحالات التالية:
1) إذا وقعت الجريمة على ثلاثة أشخاص فأكثر.
2) إذا تجاوز مبلغ الضرر مليون ليرة سورية.
3) إذا وقع الاحتيال على مصرف أو مؤسسة مالية.
وعلة التشديد في هذه الظروف الثلاثة واضحة وهي خطورة الجاني عندما يتعدد المجني عليهم، أو عندما يكون حجم الضرر كبيرة، أو عندما يكون المجني عليه ذو صفة مصرفية.
ج-ولا تطبق الأسباب المخففة التقديرية إلا إذا أسقط المضرور حقه الشخصي.

وفيما يتعلق بأركان الاحتيال عبر الشبكة أكد المحامي ملهم لموقع لأجلك سورية الإخباري أن هذا النوع من الاحتيال يتضمن ركنين أساسيين هما الركن المادي والركن المعنوي وكل ركن له عقوبتان بسيطة ومعقدة .
أولاً – الركن المادي للاحتيال عبر الشبكة :
يتكون الركن المادي في جريمة الاحتيال عبر الشبكة من ثلاثة عناصر: النشاط الجرمي، والنتيجة الجرمية، وعلاقة السببية ، ويتمثل النشاط الجرمي للاحتيال عبر الشبكة في فعل الخداع الذي يمارسه الجاني حيال المجني عليه أو حيال منظومته المعلوماتية عبر الشبكة أو الأجهزة الحاسوبية ، أما النتيجة الجرمية فتتمثل بتسليم المجني عليه ماله أو ما في حكمه إلى المحتال تحت وطأة الخداع، في حين تقتضي العلاقة السببية أن يكون تسليم المال بسبب الخداع.
ولا يختلف الاحتيال التقليدي عن الاحتيال عبر الشبكة إلا في أن الأخير يشمل بموضوعه المعلومات والبرامج والامتيازات المالية، وأن النشاط الجرمي المتمثل بفعل الخداع يمكن أن يقع على المجني عليه أو على منظومته المعلوماتية، وأن الخداع ليس له وسائل محددة كالاحتيال التقليدي، بالإضافة إلى أنه يرتكب عبر الشبكة أو الأجهزة الحاسوبية، ويقصد بموضوع الاحتيال “ذلك الشيء الذي يرد عليه التسليم الصادر من المجني عليه إلى المحتال نتيجة الغلط الذي أوقعه فيه”.
وقد حدد المشرع السوري موضوع الاحتيال بالمادة 21 من قانون الجريمة المعلوماتية بأنه: ( مال منقول أو عقار، أو معلومات أو برامج ذات قيمة مالية، أو سند يتضمن تعهدة أو إبراء أو أي امتیاز مالي آخر) ، ويقصد بالمال، كل شيء يصلح محلا لحق عيني، وعلى وجه التحديد حق الملكية؛ ويشترط في المال أن يكون ذا طبيعة مادية، أي قابلا للحيازة والتسليم والتملك، والشيء المادي هو كل ماله كيان ذاتي مستقل في العالم الخارجي، أو هو كل ماله طول وعرض وسمك، بصرف النظر عن حجمه أو وزنه أو هيئته”، ومتى اكتسب الشيء صفة المال؛ فإنه يصلح موضوعا للاحتيال عبر الشبكة، كالنقود، أو المنقولات، أو العقارات، أو الإسناد التي تتضمن تعهدة أو إبراء، أو المعلومات أيا كان نوعها أو البرامج ذات القيمة المالية، أو أي امتياز مالي أخر.
وهنا يظهر الفرق بين الاحتيال التقليدي والاحتيال عبر الشبكة، فالاحتيال التقليدي لا يشمل سوى المال المادي، أما الاحتيال عبر الشبكة فيشمل بالإضافة إلى المال المادي، المعلومات، و البرامج ذات القيمة المالية، و الامتيازات المالية.

وبهذا يكون المشرع السوري قد أضفى على المعلومات أو البرامج صفة المال المادي، فالمعلومات والبرامج لها قيمة تصل إلى حد الثروات الطائلة، وهي نتاج الإبداع الفكري، و تباع وتشترى وتقوم بالمال، وكل شيء له قيمة يكتسب صفة المال، ويصلح لأن يكون محلا للملكية، أضف إلى ذلك أن المادة هي كل ما يشغل حيزاً مادياً في فراغ معين، بحيث يمكن قياس هذا الحيز والتحكم فيه، فالبرامج أو المعلومات تشغل حيزا مادية في ذاكرة الحاسوب، ويمكن قياسه بمقياس معين هو البايت (BYTE)، أما الامتياز المالي فيقصد به أي نوع من أنواع المنفعة التي يمكن أن يحصل عليها المحتال، وغني عن البيان أنه يشترط في موضوع الاحتيال أن يكون مملوكاً للغير، لأنه لا يتصور الاعتداء على حق الملكية إلا إذا كان المال موضوع الاعتداء غير مملوك للمحتال، فإذا كان مملوكاً له أو غير مملوك لأحد، كالمال المباح، فلا يمكن تصور الاعتداء على الملكية الذي تتطلبه جريمة الاحتيال.

وتابع المحامي قاسم حديثه لموقع لاجلك سورية الاخباري قائلا : وحول النشاط الجرمي للاحتيال فيتمثل بالخداع، ويقصد بفعل الخداع “تغيير الحقيقة في واقعة ما، تغييرا من شأنه إيقاع المجني عليه في غلط يدفعه إلى تسليم ماله إلى الجاني “، فجوهر الخداع هو الكذب الذي يتخذه الجاني حيال المجني عليه، ولم يشترط المشرع السوري في جريمة الاحتيال عبر الشبكة أن يقترن الكذب بوسيلة احتيالية محددة كما فعل في الاحتيال التقليدي بالمادة 641 من قانون العقوبات، وإنما اكتفى بأن يتم الخداع بأي وسيلة كانت، فأي وسيلة تعطي الكذب الذي يدعيه المحتال مظهر الحقيقة تكفي لتكوين الخداع، كاتخاذ المحتال عبر الإنترنت مظهر الرجل الثري من خلال وضع صور وهمية لمنزله أو سيارته الفاخرة أو وضعه لعناوين وهمية لشركاته التجارية التي يدعي ملكيتها، أو انتحاله شخصية فتاة جميلة أو صفة طبيب مرموق وغير ذلك.

فشبكة الإنترنت تقدم للمحتالين القدرة على الاتصال الإلكتروني بملايين الضحايا حول العالم بكلفة أقل بكثير من وسائل الاتصال التقليدية كالهاتف، كما تقدم له القدرة على إخفاء هوياتهم الحقيقة، الأمر الذي يجعل من الصعب ملاحقتهم ومحاكمتهم..

وفي مجال الاحتيال عبر الشبكة يدور التساؤل التالي: هل يمكن أن يقع الخداع على الحاسوب بوصفه آلة؟ فمثلا إذا قام الجاني عن طريق الإنترنت بالدخول إلى منظومة معلوماتية عائدة لأحد المصارف، وقام بخداع هذا النظام عن طريق التلاعب ببياناته بغية تحويل أموال عائدة للغير إلى حسابه، فهل يتحقق هنا فعل الخداع؟.. إن الإجابة على هذا السؤال كانت محل خلاف في الفقه والتشريع المقارن، وقد حسم المشرع السوري هذا الخلاف عندما نص صراحة في المادة 21 من قانون الجريمة المعلوماتية على أن الخداع يمكن أن يقع على المجني عليه أو على منظومة معلوماتية خاضعة لسيطرته، وبالتالي فإن فعل الخداع يمكن أن يقع على النظم المعلوماتية، لأن الحاسوب ليس سوى وسيط يعبر عن إرادة المجني عليه، فهذا الأخير هو من يقوم ببرمجته وفقا لمتطلباته، وبالتالي فخداع الحاسوب هو خداع للمجني عليه، أما النتيجة الجرمية لجريمة الاحتيال عبر الشبكة فقد حددها المشرع بأنها (الاستيلاء على مال المجني عليه) وفق مفهوم المال الذي سبق بيانه، وعلى ذلك فإن النتيجة الجرمية هي التسليم الصادر عن المجني عليه للمحتال تحت تأثير الغلط الذي أوقعه به، ثم قيام المحتال بالاستيلاء على هذا المال.

ثانياً- الركن المعنوي للاحتيال عبر الشبكة:
وفيما يتعلق بالركن المعنوي للاحتيال عبر الشبكة أفاد المحامي قاسم لموقع لأجلك سورية الإخباري بان جريمة الاحتيال عبر الشبكة لا تختلف عن جريمة الاحتيال التقليدي من جهة الركن المعنوي فهي جريمة مقصودة، ومن ثم فالركن المعنوي يتخذ فيها صورة القصد الجرمي، والقصد الجرمي المطلوب للاحتيال هو القصد العام فقط ، ويذهب بعض الفقهاء إلى أن القصد الجرمي المطلوب توافره في جريمة الاحتيال، هو القصد الجرمي العام والقصد الجرمي الخاص، ووفقاً لهذا الرأي فإن مضمون القصد الخاص هو نية التملك “، فالنتيجة الجرمية في جريمة الاحتيال تتمثل في تسليم المال، ويقصد بهذا التسليم تمكين المحتال من السيطرة على المال محل التسليم سيطرة تامة، والقصد العام يتكون من عنصرين هما: العلم والإرادة، أي العلم بجميع عناصر الركن المادي، وإرادة تتجه إلى السلوك والنتيجة الجرمية، فيجب أن يعلم الجاني بأنه يرتكب فعل الخداع، وأن هذا الفعل يؤدي إلى إيقاع المجني عليه في الغلط حيث يحمله على تسليم ماله، كما يجب أن تتجه إرادة الجاني إلى النشاط الجرمي وهو الخداع، وأن تتجه إرادته أيضا إلى تحقيق النتيجة الجرمية وهي استلام المال من المجني عليه، ثم الاستيلاء عليه والظهور بمظهر المالك نية التملك”.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى