الدروس الخصوصية.. مشكلة تؤرق الأهالي وترهقهم مادياً، فكيف السبيل إلى التخلص منها؟
لأجلك سورية- منار اسماعيل:
في ظل صعوبة المناهج الدراسية، وعدم كفاية وكفاءة بعض المدرسين في المدارس العامة، بات موضوع الدروس الخصوصية ملازماً لدخول العام الدراسي، ولم يعد مقتصراً على شهادتي التعليم الأساسي والثانوية العامة، أو مرحلة ما قبل الامتحان، بل أصبح ملازماً لكافة الصفوف والمراحل التعليمية..
فما هي أسباب انتشار ظاهرة الدروس الخصوصية في المراحل التعليمية؟. وماهو دور الجهات المعنية حيالها؟.
وللوقوف على أسباب اللجوء للدروس الخصوصية أجرى موقع لأجلك سورية الإخباري استطلاعاً مع عدد من الأهالي والطلاب، حيث أكدت أم علاء أنها تدفع مبالغ طائلة لقاء إعطاء ابنها دروساً خصوصية لأن التعليم في المدرسة لا يكفي، فيما قال أبو سعيد : ” هناك نقص في عدد المدرسين في مدرسة ابني لذلك اضطر الى اعطاءه دروس خصوصية، بينما أكد الطالب محمد أن عدد الطلاب في صفه كبير، ولا يستطيع استيعاب المعلومات من المعلم.
المعلمون أيضاً كانت لهم وجهة نظر مختلفة حيال الدورس الخصوصية، حيث قالت المعلمة بشرى : “” الوضع الاقتصادي صعب جداً والدخل لا يكفي لذلك اضطر لإعطاء بعض الدروس للطلاب”، الأمر ذاته تحدث عنه الأستاذ هاني الذي تحدث عن ظروفه الصعبة وصعوبة تأمين إيجار المنزل ومصروفه، فيما قالت المعلمة نور بأنها تعمل في معهد خاص بعد الدوام لتحسين دخلها.
لمعرفة رأي وزارة التربية من الدروس الخصوصية، أجرى موقع لأجلك سورية الإخباري لقاءاً مع مدير التعليم في وزارة التربية راغب الجدي أكد فيه أن الدروس الخصوصية ظاهرة مجتمعية أكثر منها واقعية، مشيراً إلى أن المقصود بالدروس الخصوصية ما يقوم به المعلم من جهد خارج أوقات الدوام الرسمي ويتقاضى لقاءه أجراً، لترميم الفجوات التعليمية لدى الطلاب، مشيراً إلى أن وزارة التربية تسعى لحل هذه الإشكالية داخل الغرفة الصفية من خلال لحظ القدرات الذهنية والمعرفية للطالب، لكن بعض الأهالي يعتبرون المدرسة غير كافية ويلجؤون للدروس الخصوصية لاعتقادهم بأن ابنهم لديه قدرات عالية تفوق قدراته الحقيقية وعدم الاعتراف بضعف المتعلم دراسياً، لافتاً إلى أن دور الأهالي يتمثل في متابعة دراسة الطالب واختباراته، وليس تعليمه.
وحول نقص الكادر التدريسي في بعض المدارس أكد مدير التعليم في وزارة التربية وجود نقص في بعض المدارس، لافتاً إلى أن الوزارة تبذل جهوداً كبيرة لترميم هذا النقص، مشيراً إلى أن الدروس الخصوصية ممنوعة في وزارة التربية، ولا يوجد قوانين تشرعها، وتستوجب المساءلة القانونية والرقابة الداخلية، وفيما يتعلق بالمعاهد التعليمية هناك المرسوم 55 الذي أباحها لتقديم الدروس لطلاب الشهادتين الأساسية والثانوية.
وأكد مدير التعليم في وزارة التربية راغب الجدي أن الوزارة تعمل على تحسين أوضاع المعلمين عبر العمل على إصدار قانون خاص بهم خارج إطار الوظيفة العامة، كما تعمل الوزارة على ردم بعض الفجوات التعليمية لدى الطلاب عبر المنصة الرئيسية للوزارة وهي القناة التربوية التي تقدم شرحاً وافياً للدروس لكل الصفوف يقوم بها الموجهون الأوائل للمواد، إضافةً لمنصة تربوية يوتيوب على موقع وزارة التربية تقدم الخدمة ذاتها أونلاين للطلاب يمكن للطالب طرح الاستفسار الذي يريده والحصول على الإجابة، منوهاً إلى أنه في العام الماضي كان لدينا نقص كبير في المعلمين في مدينة تدمر نتيجة قلة عدد الأهالي في المنطقة فقمنا بدراسة مشروع إحداث منصة خاصة بطلاب الشهادات وأنشأت منصتين، وردمنا الهوة التعليمية، والنجاح كان كبيراً، وحظيت برضى المتعلمين، وهذه المنصات يمكن تعميمها في المناطق التي تعاني من نقص الكادر التدريسي، مشيراً إلى أن المنصات التربوية الخاصة غير مرخصة وغالبيتها خارج الأراضي السورية وهدفها تجاري أكثر منها تعليمي.
وعن الجانب الاجتماعي لهذه الظاهرة تحدثت المحللة النفسية الدكتورة مارسلينا شعبان حسن لموقع لأجلك سورية الإخباري قائلة: إن الدروس الخصوصية كانت موجودة في السابق، ولكنها تفاقمت خلال الحرب لأسباب كثيرة أبرزها الخوف من العنف وعدم الاستقرار في المدارس، وعندما انتشرت الكورونا تعطلت المدارس نتيجة الخوف من العدوى ما أثر سلباً على التعليم، بالتالي أصبحت الدروس الخصوصية بديلاً للمدرسة في تلك المرحلة، مضيفةً أن الدروس الخصوصية كان لها ما يبررها نتيجة شعور الأهل بالمسؤولية عن مستقبل أبنائهم بالعلم بعد تراجع الوضع المادي بالتالي التعويل على الشهادة لربما يجد أبناءهم فرصة لهم في السفر إلى الخارج.
وأكدت الدكتورة حسن أن علاج هذه الظاهرة يكون من خلال معالجة الأسباب وليس النتيجة، فالدروس الخصوصية جاءت نتيجة خلل في النظام التعليمي، وتردي دخل المعلمين، والحل يكون عبر تحسين الواقع التعليمي في المدارس، وبأن يكون متقارب بين المدارس سواء العامة أو الخاصة، مشيرةً إلى أن الدروس الخصوصية كانت في بعض الأحيان حلاً لبعض الطلاب، ولكنها في بعض الاحيان قللت دافعية الطلاب للتعليم، وباتوا يعتمدون بشكل كبير على المدرس الخصوصي لحل الوظائف، أو تسميع الدرس، بدل الاعتماد على أنفسهم، ونصحت المحللة النفسية الدكتورة مارسلينا شعبان حسن الأهل بالمطالبة بتحسين الواقع التعليمي في المدارس، وتشجيع الطلاب على التعلم الذاتي لأنه يعزز ثقتهم بأنفسهم ويعطيهم مرونة ذهنية وتكيف أفضل لكل متغيرات الحياة.
في الختام.. لاشك أن الدروس الخصوصية حاجة لبعض الطلاب في حال كان هناك نقص في الكادر التدريسي أو عدم وضوح لبعض المعلومات، ولكن هناك منصات لوزارة التربية كفيلة بترميم أي فجوة تعليمية لذا يمكن اللجوء لها عوضاً عن الدروس الخصوصية لتصبح الأخيرة حلاً أخير بدل أن يكون الحل الأول للفجوات التعليمية في حال وجودها.