شباب سوريون يصممون سيارة ذكية ذاتية القيادة ويفوزون بالمركز الأول بمعرض مشاريع الطلاب الرائدة بجامعة دمشق
لأجلك سورية – هيام طعمة
طموح الشباب السوري لا يقف عند حد معين، وإبداعاتهم لا حدود لها، وإنجازاتهم العلمية لا تعوقها الظروف، ونظراً للاهتمام الكبير بإبداعات الشباب السوري والرغبة في تسليط الضوء عليها، عمدت كلية الهندسة الميكانيكية والكهربائية بجامعة دمشق إلى إقامة معرض لمشروعات الطلاب الرائدة والمتميزة، بهدف إظهار مهارات الطلبة ولفت الأنظار إلى مشروعاتهم المميزة، وإتاحة الفرصة أمامهم للالتقاء مع الجهات المعنية الراغبة بتبني مشروعاتهم المتميزة، لتصبح واقعاً تطبيقياً يخدم المجتمع.
وفي هذا العام شهد معرض مشروعات الطلاب الرائدة في كلية الهندسة الميكانيكية والكهربائية في نسخته السابعة والذي كان تحت عنوان ” الإبداع والابتكار أساس التنمية ” العديد من المشروعات المتميزة .. فما هو عدد المشروعات المشاركة في هذا المعرض؟.. وهل ستجد من يتبناها ويرعاها ليتم تطبيقها على أرض الواقع؟..
موقع لأجلك سورية الإخباري التقى مع الدكتور مصطفى الحزوري عميد كلية الهندسة الميكانيكية والكهربائية بجامعة دمشق الذي أكد أن الهدف من إقامة هذا المعرض هو حث الجامعات السورية وخصوصا الكليات الميكانيكية والكهربائية وكليات الهندسة التقنية والتطبيقية على تخريج دفعات من المهندسين القادرين على تحويل المعلومات النظرية إلى تطبيقات عملية ونماذج تطبيقية يمكن الاستفادة منها في كافة القطاعات الصناعية والإنتاجية والاقتصادية.
وحول نوعية المشاريع المشاركة في هذا المعرض وعددها، قال الدكتور حزوري:” من اللافت في هذا المعرض أن الطلاب وعندما كانوا يختارون مشاريع تخرجهم كانوا يتجهون نحو المشاريع التطبيقية، ويبتعدون عن المشاريع النظرية، وهذا التوجه هو الذي أدى إلى وجود هذا الكم الكبير من المشاريع الهامة، والتي بلغ عددها 215 مشروعاً وجميعها قابلة للتطبيق”.
وعن أهمية هذا المعرض، أوضح عميد كلية الهندسة الميكانيكية والكهربائية أن أهمية هذا المعرض تمكن باعتباره بوابة كبيرة يتم من خلالها الوصول إلى الفعاليات الاقتصادية والصناعية، وكذلك يشكل فرصة كبيرة أمام الطلاب لعرض إبداعاتهم وابتكاراتهم العلمية، حتى يتم الاطلاع عليها ورعايتها وتبنيها من قبل بعض المهتمين، موضحا أن الإقبال على المعرض كان جيداً، والاهتمام به كان كبيراً من قبل العديد من القطاعات، والدليل دخول عدد من الشركات الخاصة الداعمة والراعية له، وقد تم تكريم المشاريع الفائزة في هذا المعرض بجوائز قيمة.
“د .حزوري: أغلب أصحاب المشاريع الرائدة يتسربون إما باتجاه القطاع الخاص أو بالسفر خارج البلد”
وفيما يتعلق بآلية تحويل المشروعات الرائدة المشاركة بهذا المعرض الى تطبيق عملي، أعرب الدكتور حزوري عن أمله بأن يتم تبني هذه المشاريع من قبل الجهات المعنية حتى يتم تطبيقها على أرض الواقع، لافتاً إلى هناك مشكلة كبيرة تعترض هذا الموضوع، وهي أن أغلب أصحاب المشاريع الرائدة يتسربون إما باتجاه القطاع الخاص أو بالسفر خارج البلد، وبذلك نكون قد خسرنا كفاءات سورية هامة، متمنياً أن يتم إصدار تشريعات خاصة بمنع تسرب العقول السورية الفذة إلى خارج سورية، وتشجيعها على البقاء لتتم الاستفادة منها في تطوير سورية وإعادة إعمارها.
ونظراً لأهمية المشاريع المشاركة في هذا المعرض سلط موقع لأجلك سورية الإخباري الضوء على المشروع الفائز بالمركز الأول في معرض المشروعات الرائدة في نسخته السابعة في اختصاص هندسة الحواسيب والأتمتة، وكان عبارة عن تصميم سيارة ذكية ذاتية القيادة وكان تحت إشراف الدكتورة هيام خدام والمهندس مهدي عليوي، ومن تصميم المهندسون : الحسين علي طفيليه، وأحمد محمد عواطه، وفارس عبد الله دعدوش، ونور لطيف طعمه.
للوقوف على أهمية هذا الانجاز التقى موقع لأجلك سورية الاخباري مع الدكتورة هيام خدام المشرفة على المشروع التي أكدت أنه ومنذ أن بدأ الطلاب في التخطيط لهذا المشروع كانوا يطمحون لابتكار منتج مميز ليشارك في معرض مشاريع الطلاب الرائدة، وطوال العام الدراسي كانوا يشتغلون على مشروعهم انطلاقاً من هذا المبدأ، والحمد لله وأخيراً تكلل عملهم وتعبهم بالنجاح وفازوا بالمركز الأول عن اختصاص هندسة الحواسيب والاتمتة.
“د.خدام: أبارك لطلابي هذا الانجاز، وأتمنى أن لا يذهب هذا التعب والجهد أدراج الرياح، وأن يتابعوا مسيرتهم العلمية”
وأضافت الدكتورة خدام : ” أبارك لطلابي هذا الانجاز، ورغم أنهم كدوا وتعبوا خلال العام الدراسي إلا أنهم جنوا ثمار جهدهم وتعبهم، وأتمنى أن لا يذهب هذا التعب والجهد أدراج الرياح، وأن يتابعوا مسيرتهم العلمية وأن لا يتركوا فكرة مشروعهم عند هذا الحد، لأن هذا المشروع له الكثير من المجالات التي يمكن تطويرها، واطلب منهم الاستمرار بالعمل ومواصلة الجهود لتطوير هذا المشروع حتى يتم تبنيه من قبل الجهات المعنية ويتم تنفيذه على أرض الواقع وخصوصا أن المشروع قد لاقى صدى إيجابي في المعرض وهناك الكثير من الزوار قد أعجبوا بهذا الإنجاز الرائع.
“م.طفيليه: مشروعنا عبارة عن سيارة ذكية ذاتية القيادة تقوم بتوصيل الأغراض والبضائع ضمن بيئة معينة”
أيضا موقع لأجلك سورية الإخباري كان له لقاءات مطولة مع المهندسين الذين صمموا ونفذوا هذا المشروع، وقال المهندس الحسين علي طفيليه : إن اختيارنا لفكرة المشروع التي هي عبارة عن سيارة ذكية ذاتية القيادة تقوم بتوصيل الأغراض والبضائع ضمن بيئة معينة وتعمل بنمطي تحكم أحدهما يدوي والآخر ذاتي، تعود إلى أن الروبوتات ذاتية القيادة باتت الآن محط أنظار الكثير من الباحثين والخبراء وشغلت مساحة واسعة من البحث العلمي في الآونة الاخيرة.
بدوره أكد المهندس أحمد محمد عواطه أن إنجاز المشروع استغرق ما يقارب العام الكامل وقد تم تقسيم العمل فيما بيننا كل حسب قدراته وإمكانياته حيث عملت أنا والحسين على برمجة المتحكم “Raspberry pi 4 ” وتوصيل الدارات والقطع الالكترونية معه، وقمنا أيضاً بتدريب نموذج الذكاء الصنعي للتعرف على الشاخصات المرورية وذلك من أجل توجيه حركه السيارة، وأيضا نموذج آخر للتعرف على اللافتات الأسمية والتي تهدف إلى إعلام السيارة عند الوصول للوجهة المطلوبة، بينما عمل فارس على تصميم وإنجاز واجهة التخاطب البرمجية التي تضم صفحة تسجيل الدخول وواجهتي التحكم المقترحتين للقيادة، وعملت نور على تهيئة المتحكم للتعامل مع الأوامر الصوتية .
وحول آلية عمل هذه السيارة قال المهندس فارس عبد الله دعدوش : لقد تم طرح مفهوم القيادة الذاتية كتعبير عن قدرة الآلة على محاكاة الذكاء البشري، وذلك بعد أن تم إطلاق مصطلح الذكاء الصنعي عام ١٩٥٦ في مؤتمر دارتموث، وأسفر ذلك عن ابتكار أول سيارة ذاتية القيادة عام ١٩٨٦ في جامعة كارنيجي ميلون، ثم توالى تطوير هذه المركبة عبر مراحل عديدة، وفي غالبية التطويرات لم يتم الجمع بين نمطين من التحكم إلا في حالات نادرة، وفي مشروعنا قمنا بتطبيق النمطين كما يلي: يقوم المستخدم بفتح واجهة التخاطب المبرمجة كتطبيق على الهاتف الذكي أو الحاسب المحمول، ثم يدخل اسمه وكلمة المرور الخاصة به، ثم يختار نمط التحكم المطلوب ليتم الانتقال إليه مباشرة.
“م. عواطه: السيارة تعمل وفق أوامر صوتية بهدف مساعدة المكفوفين والأشخاص غير القادرين على الكتابة”
وبالنسبة لقدرات وإمكانيات هذه السيارة ومدى قابليتها للتعديل والتطوير، قال المهندس طفيليه : تقوم السيارة بمعاينة اللافتات وتحليلها وفق نماذج الذكاء الصنعي حتى يتم من خلال ذلك تحديد الاتجاه المطلوب في الحركة، وكذلك تحديد اسم الهدف في حال تم الوصول إلى مكان موضعه، فيما أكد المهندس عواطه أن السيارة تعمل وفق أوامر صوتية بهدف مساعدة المكفوفين والأشخاص غير القادرين على الكتابة وذلك مراعاة للغايات الإنسانية النبيلة التي هدفنا إليها منذ بداية المشروع ، في حين رأى المهندس دعدوش: أن أي مشروع يبدأ بفكرة تتجسد في نموذج أولي يبقى دوما قابلا للتطوير وفق ما هو متاح، وقد قمنا خلال المدة الزمنية الخاصة بإنجاز المشروع بتطوير كثير من تقنيات المشروع وهيكله وداراته حتى وصلنا لهذا النموذج الذي نظنه الأفضل، وكذلك وضعنا آفاقاً مستقبلية يمكن العمل عليها لتطوير المشروع على نحو أفضل ومن ذلك جعل السيارة تنفذ أكثر من مهمة في نفس الوقت وأيضاً إضافة خاصية المحادثة مع السيارة بحيث يمكن للشخص التكلم مع السيارة والاهتمام بآلية الشحن الذاتي للمدخرة المغذية للدارات، غير ذلك من الأفكار التي من شأنها أن ترتقي بما أنجزناه.
“م.دعدوش: السيارة تتميز بشاشة مراقبة تحتفظ بآخر صورة لآخر موقع وصلت إليه تفاديا لفقدان الاتصال معها “
وعن المهام التي تقوم بها هذه السيارة وأبرز مميزاتها، قال المهندس الحسين : هذه السيارة بنموذجها الحالي تقوم بنقل البضائع والأغراض ضمن مصنع أو مؤسسة ويمكن استخدامها لخدمة الإنسان في كثير من مجالات الحياة، في مشروعنا قمنا باستخدام بيئة الجامعة (كلية الهندسة الميكانيكية والكهربائية قسم هندسة الحواسيب والأتمتة ) كبيئة أولية افتراضية للعمل وذلك كنوع من رد الجميل للجامعة التي لها فضل كبير بعد فضل رب العالمين في وصولنا إلى هذا المستوى، فيما أكد المهندس فارس أن ما يميز هذه السيارة عن غيرها من تصاميم السيارات التي سبقنا إليها زملاؤنا، أن شاشة المراقبة تحتفظ عند إغلاقها في كل مرة بآخر صورة لآخر موضع وصلت إليه السيارة تفاديا لفقدان الاتصال معها عند حدوث طارئ ما، ولفت المهندس أحمد إلى قدرة السيارة على تلقي الأوامر الصوتية باللغة العربية وتحليلها والاستجابة لها صوتيا ثم تنفيذها الدمج بين نمطي التحكم في آلية واحدة.
وحول الصعوبات التي رافقت عملية تصميم هذه السيارة ، قال المهندس الحسين : إن من أبرز هذه الصعوبات التكلفة المرتفعة للمشروع ، لافتا الى أن الدعم المالي يعتبر عنصراً حيوياً لاستكمال البحث وتحقيق الأهداف المرجوة منه، وبدون هذا الدعم، قد يواجه الطلاب الكثير من التحديات التي تعيق تقدم مشروعهم، وقد تؤثر سلباً على نتائجه النهائية ، أما المهندس أحمد فقد رأى أن من أبرز الصعوبات التي مروا بها أثناء تنفيذ العمل كانت صعوبة الحصول على بعض القطع الإلكترونية اللازمة كتقنية الـGPS، سواء من حيث توفرها أو من حيث تكلفتها الباهظة، مشيراً إلى أن هذا الأمر قادنا إلى تغيير مسار الفكرة الأصلي، حيث كنا نعمل على تصميم سيارة ذكية قادرة على التنقل في الطرقات، لتصبح قادرة على الانتقال داخل بيئة مغلقة.
المهندس فارس أنهى حديثه بالقول إن لحظة إعلان فوز مشروعنا بالمركز الأول كانت تجربة رائعة ومليئة بالمشاعر المختلفة، وخصوصا أن المنافسة مع المشاريع الأخرى التي كانت تمتاز بجودتها وابتكاراتها كانت قوية، لذلك كان يرافقنا شعور بالقلق والترقب، لكن بمجرد أن تم الإعلان عن فوزنا، اجتاحتنا مشاعر الفرح والارتياح، وخصوصا أن هذا الفوز لم يكن نتيجة فردية، بل كان تتويجاً لعمل جماعي استمر لعدة أشهر من التخطيط والتنفيذ والبحث والتطوير، التي ترافقت مع الكثير التحديات التي واجهتنا، مثل نقص الموارد أو صعوبة بعض الإجراءات الفنية.. لذلك كان شعور الفوز مترافقاً مع شعور عميق بالامتنان لكل من ساهم في هذا المشروع، سواء من الزملاء أو الأساتذة الذين قدموا الدعم والتوجيه.
وفي النهاية نجد أن سورية تمتلك الكثير من الطاقات والإبداعات، ولكن كيف يمكن استغلالها بالشكل الأمثل لتساهم في نهضة سورية ونموها؟
هو سؤال برسم الجهات المعنية علها تعطي جزء من اهتمامها لأبناء سورية المبدعين.