اقتصاد

ورشة “واقع سوق التمويل للمشروعات متناهية الصغر ‏والصغيرة” تختتم أعمالها.. ومساعي حكومية لتنظيم هذه المشاريع وتوفير البيئة التمكينية المناسبة لها  

لأجلك سورية – متابعة

اختممت اليوم ورشة “واقع سوق التمويل للمشروعات متناهية الصغر ‏والصغيرة وآفاق تطويره” التي أقامها مصرف سورية المركزي ووزارة الاقتصاد والتجارة الخارجية على مدار يومين.

وخلال حضوره الجلسة الختامية للورشة، اعتبر رئيس مجلس الوزراء الدكتور محمد الجلالي أن موضوع المشروعات متناهية الصغر والصغيرة والمتوسطة هو موضوع له إشكالات عديدة، وليس موضوعاً يمكن التعامل معه بذات البساطة التي يتم التعامل بها مع الاستثمار الكبير، لأنه في بعض الأحيان يعزف بعض الأشخاص عن الترخيص، ومن الممكن أن يعملوا بالمشروع دون الحاجة لطلب التمويل من المؤسسات المالية.

وقال الجلالي إن ما تسعى إليه الحكومة هو أن تقوم بتنظيم هذا النوع من المشاريع ومساعدته ودعمه وتوفير البيئة التمكينية المناسبة بحيث تكون لهذه المشروعات الفرصة بأن تكبر وتنمو وتتطور لتصبح مبادرات ومشروعات واستثمارات كبيرة، لذلك لن تتردد الحكومة بأن توجد البيئة والتشريع المناسب دون أن يكون هناك قلق أو خوف من قبل أصحاب هذه المشاريع، لأن الترخيص والحصول على رخصة من الممكن أن يسبب خوفاً وقلقاً وإرباكاً لدى البعض خاصة إذا كان هناك صعوبة في الإجراءات، لذلك سنقوم من خلال أذرع الحكومة ومن خلال الوزارات المعنية والجهات المحلية ومجالس المدن والبلديات لأن تكون عملية الترخيص سهلة وميسرة.

وفيما يتعلق بتمويل المشاريع الصغيرة والضمانات، أوضح الدكتور الجلالي أن المشروع ذاته من الممكن أن يضمن نفسه، ولا بد من تفعيل الصيغ المناسبة من الكفالات أو ضمان مخاطر القروض وهذا الأمر ينبغي أن يكون متاحاً ليس فقط للمؤسسات الحكومية وإنما أيضاً للمؤسسات الخاصة كما في بعض الدول التي أنشأت شركات وظيفتها أن تقدم الضمانات للمشاريع الصغيرة.

ولفت رئيس مجلس الوزراء إلى أنه لا يجب انتظار الحكومة دائماً لأن تقوم بكل شيء، فيمكن للقطاع الخاص واتحادات الغرف أن تساهم بوجود البيئة التنظيمية التي تدعم هذا النوع من المشاريع لأنه بالنتيجة النهائية هذا النوع من المشاريع يستقطب يداً عاملة كبيرة ويساهم في نمو الإنتاج المحلي، وأيضاً من خلال هيئة تنمية المشاريع الصغيرة والمتوسطة يمكن أن نساعد في توفير البيئة التي تنمو فيها هذه المشاريع من خلال المشاركة في معارض محلية وإقليمية وعالمية والمساعدة في التدريب وإعداد دراسات الجدوى.

وقال رئيس مجلس الوزراء: في العالم بأكمله تنمو هذه المشاريع بشكل تلقائي، لكن ليس لدينا رفاهية الانتظار وترك الأمور لتنمو بشكلها الطبيعي، فنحن بحاجة أن نبحث في السبل الكفيلة بتحقيق قفزات لنلحق بالركب العالمي في هذا المجال، مشيراً إلى أن هذه الورشة هي دليل على الحرص الحكومي والاهتمام بتنمية هذا النوع من المشاريع ومناخ الاستثمار بشكل عام.. لأن المشاريع الكبيرة من الممكن أن تساهم في تحقيق فائض بالتمويل وهذا الفائض يصب في مصلحة مبادرات ومشاريع متناهية الصغر وصغيرة ومتوسطة.

وأشار الدكتور الجلالي إلى أن الحكومة تعمل على إجراءات كتسهيل الحصول على الترخيص وتبسيط الإجراءات، متوجهاً بالشكر للجهات الحكومية التي ساهمت في هذه الورشة ولجميع الذين تقدموا بأوراق عمل من قطاع الأعمال والمصارف الخاصة ومصارف التمويل، معتبراً أن هذا الحضور دليل إضافي على اهتمام الحكومة بهذا النوع من المشاريع والاستعداد لتقديم أي دعم ممكن أو أي تسهيلات لنمو هذه المشاريع وتطورها.

من جانبه أكد وزير الاقتصاد والتجارة الخارجية الدكتور محمد ربيع قلعه جي أن الوزارة باعتبارها الجهة الراعية للمشروعات الصغيرة ومتناهية الصغر من خلال هيئة تنمية المشروعات الصغيرة والمتوسطة تقوم بالتنسيق مع كل الجهات الحكومية للوصول إلى إطار مؤسساتي متكامل عبر الوزارات والقطاعات لتحقيق أمن اقتصادي واجتماعي، يساهم بالقضاء على الفقر والبطالة وتشغيل اليد العاملة وزيادة المساهمة في الناتج المحلي.

وأوضح الدكتور قلعه جي في تصريح إعلامي خلال فعاليات اليوم الثاني للورشة أن الوزارة تسعى انطلاقاً من هذه الورشة والورشات المتلاحقة التي تنوي تنظيمها إلى تعزيز ونشر ثقافة المشروعات متناهية الصغر والصغيرة ومساعدة طالبي العمل على الإقدام للدخول بهذا القطاع، مشيراً إلى أن ضرورة المشروعات متناهية الصغر والصغيرة تنبثق من أهميتها على مستوى العالم بشكل عام وعلى المستوى الوطني بشكل خاص، لذلك من الضروري جداً الإضاءة على الصعوبات التي تعترض المشروعات وأهمها الصعوبات التمويلية.

بدوره دعا حاكم مصرف سورية المركزي الدكتور محمد عصام هزيمة كل الجهات والمنظمات التي لديها فائض من السيولة والإيرادات إلى إيداع أموالها لدى مصارف التمويل الأصغر لمساعدتها على إقراض أصحاب المشاريع الصغيرة والمتوسطة، مشيراً إلى أن وجود إيداعات حكومية أو غير حكومية بدون فوائد أو بفوائد مخفضة سينعكس من خلال منح قروض من مصارف التمويل الأصغر بدون فوائد أو بفوائد مخفضة.

وخلال الورشة أشار الدكتور إياد علي مدير مديرية الاقتصاد الكلي في هيئة التخطيط والتعاون الدولي إلى معاناة قطاع المشروعات متناهية الصغر والصغيرة من عدة مشاكل، تتمثل في الجانبين الإداري التنظيمي والمالي، إضافةً إلى صعوبات تتعلق بتحليل آلية عمل الشركات متناهية الصغر والصغيرة والمتوسطة ورواد الأعمال، لافتاً إلى وجود قسم كبير من هذه المشروعات يعملُ في إطار القطاع غير المُنظم بعيداً عن القوانين والتشريعات الضريبية.

وحول متطلبات الارتقاء بواقع هذه المشروعات بيّن علي أن هناك عدة متطلبات تتعلق بتطوير آليات تمويل محلية جديدة متخصصة بدعم وتأسيس المشروعات متناهية الصغر والصغيرة، والإسراع بإنجاز المناطق الصناعية والحرفية في المحافظات، وتشجيع تأسيس حاضنات ومسرعات أعمال نوعية، ووضع سياسات تحفيّزية خاصة للمشروعات المتميزة النوعية والريادية، وتعديل القانون رقم 2 لعام 2016 الخاص بإحداث هيئة المشروعات الصغيرة والمتوسطة لتطوير دورها في الجانب التنظيمي.

من جهتها الدكتورة روعة ميداني مديرة بيئة ودعم المشروعات الصغيرة في هيئة دعم المشروعات الصغيرة أشارت إلى ضرورة بناء وتطوير قاعدة بيانات متكاملة، وإعداد دراسات وبحوث تُسهم في تحسين بيئة الأعمال، وتعزيز أدوات وآليات الدعم المقدمة من خلال توسيع المصادر والمنتجات التمويلية المتاحة أمام المشروعات، وإعادة النظر في الحدود العليا المسموحة للاقتراض لتنسجم مع متطلبات المشروعات في ظل الظروف الاقتصادية، وتعزيز المعرفة لدى المشروعات فيما يتعلق بالدراسات المالية والفنية المطلوبة، وكيفية تقديم المشروع أمام الجهة الممولة.
حلول مصارف التمويل الأصغر

وتحدث الرئيس التنفيذي لبنك بيمو السعودي الفرنسي للتمويل الأصغر منير هارون عن ضرورة إطلاق صندوق وطني يعمل وفق أسس وضوابط معينة لتمويل المصارف تحت إشراف مصرف سورية المركزي، بينما لفت الرئيس التنفيذي لمصرف الإبداع للتمويل الأصغر “سورية” أديب شرف إلى أهمية إنشاء منصة إلكترونية متخصصة في تمويل هذه المشروعات تُدار من قبل مصارف التمويل الأصغر.

هذا وقد توصل المشاركون في ختام الورشة إلى مجموعة مخرجات، جاء في مقدمتها تشكيل لجنة مصغرة بعضوية ممثلين عن وزارة الاقتصاد والتجارة الخارجية ومصرف سورية المركزي وهيئة تنمية المشروعات الصغيرة والمتوسطة وخبراء من ذوي الاختصاص لدراسة كل أوراق العمل ونتائج الاستبيانات والأفكار والطروحات الواردة خلال الورشة وصولاً إلى اقتراح إطار تمويلي مناسب للمشروعات متناهية الصغر والصغيرة ومتطلبات تنفيذه.

ووفقاً للمخرجات فإن الإطار التمويلي سيكون بمثابة ورقة مرجعية ضمن الخطة الوطنية لمشروع تطوير بيئة أعمال المشروعات، حيث ترفع اللجنة المصغرة نتائج أعمالها بعد التنسيق مع كل الجهات ذات الصلة إلى رئاسة مجلس الوزراء عبر وزارة الاقتصاد والتجارة الخارجية ومصرف سورية المركزي، وذلك خلال مدة أقصاها ثلاثون يوماً.

وأكد المشاركون وفقا للمخرجات ضرورة توفير البيانات وأسس مبسطة لتسجيل المشروعات واعتبار تنفيذ السجل الوطني للمشروعات من أولويات عام 2025 كونه سيوفر قاعدة بيانات شاملة ومتكاملة عن المشروعات، ما يساعد مزودي التمويل ولا سيما من المصارف في تقديم خدماتهم إلى جانب إيجاد آلية سير نموذجية مبسطة لإجراءات تأسيس أو تسجيل المشروعات متناهية الصغر بمختلف القطاعات الاقتصادية والمعرفية، وفق دليل تعريف المشروعات الصادر بالقرار رقم 58 م . و لعام 2023.

وبالنسبة لتمويل المشاريع عبر القنوات المصرفية، شدد المشاركون على ضرورة إعادة النظر بالضوابط الناظمة لعمل مصارف التمويل الأصغر “الضوابط الاحترازية – إجراءات الانتشار من خلال المنافذ المتاحة – تفعيل الخدمات الإلكترونية” ورفع سقوف الإقراض للمشروعات وتعزيز سبل التعاون بين المؤسسات المصرفية فيما بينها “إقراض بشكل مباشر أو تأمين مصادر سيولة”, “إقراض عن طريق مصارف التمويل الأصغر” بهدف وصول التمويل إلى الفئات المستهدفة، بما يضمن تحقيق الشمول المالي تحت إشراف مصرف سورية المركزي.

وتضمنت المخرجات دراسة إصدار صك تشريعي خاص بإحداث مصارف تمويل أصغر إسلامية ودراسة مجموعة من الإجراءات الممكن اتخاذها من قبل السلطة النقدية لتعزيز توجه القطاع المصرفي نحو تمويل المشروعات متناهية الصغر والصغيرة.

وأكد المشاركون حسب المخرجات ضرورة إعادة هيكلة منظومة الضمان من خلال اقتراح اللجنة المذكورة أعلاه آلية لتمكين مؤسسة ضمان مخاطر القروض من تعزيز دورها في ضمان مخاطر قروض المشروعات متناهية الصغر والصغيرة ودراسة إمكانية توظيف أموال التأمين وإعادة التأمين في مجال ضمان مخاطر القروض وخلق أشكال جديدة للضمانات، بما فيها التأمين التكافلي وتعزيز البرامج الخاصة بدعم أسعار الفائدة ودراسة إمكانية إصدار قانون جديد يرخص للتعاونيات الإنتاجية المتخصصة كأحد الأشكال المساعدة في الحصول على التمويل وتقييم مدى كفاءة وفعالية الصناديق الحكومية في دعم المشروعات متناهية الصغر والصغيرة.

ودعا المشاركون إلى توفير صيغ تمويلية جديدة وخلق البيئة التشريعية المناسبة لمنصات التمويل الجماعي من خلال تعديل القانون رقم 22 لعام 2005 الخاص بإحداث هيئة الأوراق والأسواق المالية وإتاحة صيغ تمويلية مساعدة على تأمين الطاقة من مصادر متجددة بمزايا تفضيلية، باعتبار أن الطاقة هي عصب الحياة للمشروعات.

وناقش المشاركون بالورشة بيومها الثاني عدة محاور تتعلق بالإطار التمويلي النشط والمحفز لتنمية المشروعات متناهية الصغر والصغيرة وسياسة الحكومة تجاه هذه المشروعات في سورية والرؤية المستقبلية لتعزيز المسارات التمويلية أمام المشروعات متناهية الصغر والصغيرة، وذلك عبر مجموعات عمل وحوار مفتوح.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى