مبادرات محلية أمام المتحف الوطني بدمشق تدعو لمواجهة التنقيب غير الشرعي عن الآثار السورية
تقف الطفلة ميرال ذات العشر سنوات أمام المتحف الوطني بدمشق، حاملة لافتة تطالب بحماية الآثار السورية من عمليات التنقيب غير الشرعي التي تشهدها العديد من المواقع الأثرية في البلاد.
ميرال تعبر ببراءة طفولتها، عن آمال جيل كامل في الحفاظ على الهوية الثقافية لسوريا، ضمن الوقفة الاحتجاجية التي أقيمت اليوم أمام المتحف، وذلك في ظل تزايد التهديدات التي تواجه تراثها الغني بسبب هذه الممارسات غير القانونية.
الباحث الأثري إياد غانم، رئيس جمعية إدارة المتاحف والمواقع الأثرية، ومنظم الوقفة الاحتجاجية أمام المتحف، أكد أن هذه الآثار تمثل إرثًا وطنيًا يخص الشعب السوري بأكمله.
ودعا غانم إلى إطلاق مبادرة وطنية شاملة لحماية التراث السوري، تشمل دعوة المجتمعات المحلية لإعادة الآثار التي تم الحصول عليها بطرق غير شرعية وتسليمها، وإيقاف كل أعمال التنقيب غير الشرعية وتشكيل صندوق دولي لإعادة إحياء التراث والآثار السوريين.
وأشار غانم إلى أن التنقيب غير الشرعي أصبح ظاهرة خطيرة، وخاصة مع ظهور عصابات متخصصة في تهريب الآثار تجوب مختلف المناطق السورية، وقال: “علينا التحرك بسرعة لاستعادة الآثار المسروقة ووقف جميع أعمال التنقيب غير القانونية قبل فوات الأوان”.
وإلى جانب مجموعة من الشباب السوريين، يقف الكيميائي عبد الله سلطان، رئيس الجمعية الكيميائية السورية، حيث أكد أن الحفاظ على الهوية السورية يتطلب جهودًا جماعية من كل أطياف المجتمع.
ولفت سلطان إلى أن تهريب الآثار لا يهدد التراث المادي فحسب، بل يمس هوية الأمة وتاريخها، مبينًا أن ما يحدث من تدمير للتراث الثقافي هو اعتداء صارخ على تاريخنا، ويجب أن نواجهه بكل الوسائل الممكنة.
وقد شهدت سوريا منذ عام 2011 عمليات نهب وسرقة كمية كبيرة من الآثار إلى جانب تدمير قسم منها بفعل العمليات الحربية، والقصف الجوي للنظام البائد، وخاصة في محافظة إدلب حيث يوجد أكثر من 760 موقعاً أثرياً لحقب زمنية مختلفة، ومحافظة الرقة التي تعدّ خزاناً للآثار السورية، لغزارة القلاع والحصون والأسوار فيها، وتدمر الحاضرة الأكثر شهرة عالمياً، إضافة إلى آثار الجنوب وأبرزها في محافظة درعا.
وحسب آخر الإحصائيات؛ فإن قرابة مليون قطعة أثرية في سوريا سُرقت، كما تعرضت نحو 710 مواقع أثرية لأضرار تراوحت بين ضرر جزئي أو اندثار وتهدم كامل، منذ عام 2011 حتى 2019.
الآثار السورية ليست مجرد قطع فنية أو أثرية، بل هي شواهد حية على حضارات عريقة تعود لآلاف السنين. ومن الضروري أن يتكاتف المجتمع الدولي مع الجهود المحلية لحماية هذا الإرث الثقافي ونقله إلى الأجيال القادمة.