محليات

الحرائق في سورية ظاهرة خطيرة تلتهم ثرواتنا الطبيعية.. من يسببها؟ وكيف يمكن الوقاية منها؟

لأجلك سورية_ منار إسماعيل

شكل موضوع الحرائق التي اندلعت مؤخراً في عدد من المحافظات موضوعاً لجلسة مجلس الوزراء الموسعة قبل أيام،  حيث تم استعراض حجم الخسائر في الأملاك العامة والخاصة وسبل الحد من تلك الحرائق، وتنفيذ خطة الإنذار المبكر للحرائق في الغابات والحراج، واتخاذ ما يلزم من إجراءات لمنع اندلاعها بالتعاون والتنسيق بين الوزارات والمحافظات، كما تم تشكيل فرق عمل لحصر أضرار الحرائق، على أن تتم دراسة أشكال التدخل الممكنة والتعويض على المتضررين وفق آليات ومعايير دقيقة بعد الانتهاء من حصر الأضرار.

هذا وقد أعادت الحرائق التي اندلعت مؤخراً في ريف اللاذقية الشمالي، والتي بذلت فيها الجهات المعنية أقصى طاقاتها لإخمادها بالسرعة الممكنة، أعادت إلى الأذهان الحرائق التي اندلعت منذ أعوام في أرياف حمص وحماه واللاذقية متسببة بكارثة طبيعية مهولة؛ تبين لاحقا أن هذه الحرائق وقتها كانت مفتعلة، وألقت الجهات المعنية القبض على المتورطين ونشرت اعترافاتهم على وسائل الإعلام وأحالتهم إلى القضاء لينالوا عقابهم على ما اقترفت أيديهم.   

واليوم يعود السؤال الذي يؤرق الشارع السوري والذي يقول: هل هذه الحرائق مفتعلة أم من صنع الطبيعة والعوامل الجوية؟ وهذا ما طرحه موقع لأجلك سورية الإخباري على عدد من المواطنين حيث أكد “صالح” أن الحرائق مفتعلة بغرض التحطيب والحصول على الفحم وبيعه بأغلى الأسعار، فيما رأت “ساندي” أن الحرائق اندلعت نتيجة العوامل الجوية وانخفاض الرطوبة بشكل كبير لا سيما في ريف اللاذقية، بينما أرجع “عادل” اندلاع الحرائق إلى خطأ بشري زادته الرياح اشتعالاً ولهيباً.

“م. دوبا: العوامل الجوية أدت لخروج بعض الحرائق عن السيطرة”

وللوقوف على الصعوبات التي رافقت عمليات إطفاء الحرائق التي اندلعت مؤخراً بريف اللاذقية، أكد مدير زراعة اللاذقية المهندس باسم دوبا لموقع لأجلك سورية الإخباري أن المحافظة شهدت مجموعة من الحرائق في الأول والثاني من الشهر الجاري ضمن ظروف مناخية صعبة، فالرياح شرقية جافة وترافقت مع انخفاض في الرطوبة النسبية، مما أدى لخروج بعض الحرائق عن السيطرة وامتدادها لمساحات أوسع، مثل حريق البدروسية، وحريق مرج معيربان، وحريق المزيرعة، وحريق شير قاق، منوها بالصعوبات التي واجهت جهود الإخماد لاسيما في حريق المشرفة من بينها وعورة الجبال وشدة انحدارها وصعوبة وصول سيارات الإطفاء إليها، ومع ذلك دخلت سيارات الإطفاء ولكن كفاءتها كانت أقل وسرعة الرياح أكبر فخرج الحريق عن السيطرة، واستمرت جهود الإطفاء ٢٤ ساعة لتطويقها والسيطرة عليها.

وأضاف المهندس دوبا أن المديرية كانت مستنفرة نتيجة تحذيرات منصة الغابات ومراقبة الحرائق من ارتفاع خطورة اندلاعها، وتم التدخل منذ اللحظات الأولى بالتنسيق مع كل الجهات المعنية كفوج الإطفاء والدفاع المدني، برئاسة محافظ اللاذقية، إضافة لمشاركة الجيش من خلال الحوامات، ومؤازرة من المحافظات الأخرى، وساهمت هذه الجهود في منع تحول الحريق من كبير إلى كارثي، لافتا إلى أن الأمطار ساهمت في إخماد الحرائق بشكل كامل.

وحول الإجراءات الوقائية التي  تتخذها وزارة الزراعة لمكافحة الحرائق، أكد مدير زراعة اللاذقية أن الوزارة تضع خطة سنوية لمكافحة الحرائق، وتم ترميم ١٩٠٠ كم من خطوط النار وهي موجودة على أرض الواقع وسالكة بالنسبة لسيارات الإطفاء، مشيرا إلى وجود مناطق يصعب شق الطرق فيها مثل المنطقة الممتدة بين السمرة والبدروسية، متحدثا عن أهمية التوعية والحملات التي تقوم بها وزارة الزراعة والتي تقام بالتعاون مع اتحاد شبيبة الثورة واتحاد الفلاحين لنشر التوعية بين كل الفئات  للحد من الحرائق.

“المقدم جعفر: وجود مراكز إطفاء في الأرياف أسهم في إخماد ٦٧ حريق عدا الحرائق الكبيرة”

بدوره أكد قائد فوج إطفاء اللاذقية المقدم مهند جعفر لموقع لأجلك سورية الإخباري جاهزية الفوج على مدار العام لإخماد الحرائق باعتباره فوج طوارئ مهمته الأساسية إطفاء الحرائق التي قد تحصل في المدن ومؤازرة مديرية الحراج في الحرائق التي تحصل في الغابات، لافتا الى انه ومنذ ٤ سنوات أحدثت مراكز إطفاء ريفية في كافة مساحات المحافظة بالتنسيق مع مديرية الزراعة باللاذقية وهي جميعها مجهزة بكافة الآليات والمعدات والعناصر للتعامل مع الحرائق، مبينا أن الدليل على جاهزيتها هو التصدي ل ٦٧ حريق خلال الفترة الماضية عدا عن الحرائق الكبيرة التي اندلعت في ريف المحافظة.

“د. قرموقة: منتجات منصة الغابات ومراقبة الحرائق  ركيزة أساسية في خطط مكافحة الحريق وتحسين الاستجابة على المستوى الحكومي”

من جانبها.. عزت مديرة منصة الغابات ومراقبة الحرائق FIRMO الدكتورة روزا قرموقة  خلال تصريح لموقع لأجلك سورية الاخباري زيادة الحرائق التي شهدتها سورية خلال السنوات الأخيرة خاصة في غابات المنطقة الساحلية، إلى الاستثمار غير المستدام لموارد البيئة، والتغيرات المناخية، مما يرفع من احتمال تكرار هذه الحوادث، مشيرة إلى  الحرائق التي اندلعت في منطقتي كسب والبدروسية تلاها مواقع في القرداحة والحفة بمحافظة اللاذقية كانت من الحرائق الكبيرة التي أثرت بشكل كبير على المنطقة، حيث بدأت في نهاية تشرين الأول 2024 وتسببت في أضرار واسعة في الغابات المحيطة بجبل شالما ذي التضاريس الوعرة، وبسيادة لرياح جافة قوية، ساعدت على انتشار النيران، ما أعاق جهود فرق الإطفاء لاحتواء الحريق بسرعة. واستمرت جهود السيطرة في مناطق أخرى حتى بداية تشرين الثاني.

وأشارت الدكتورة قرموقة إلى أن منتجات  المنصة تعد ركيزة أساسية في خطط مكافحة الحريق وتحسين الاستجابة على المستوى الحكومي، حيث تعمل المنصة بالتنسيق مع مديرية الحراج في وزارة الزراعة ووحدة التنبؤ العددي في المديرية العامة للأرصاد الجوية، لتحسين الاستجابة، والوقاية، وتقليل حدوث الحرائق عبر عدة طرق منها : التنبؤ وتحديد المناطق ذات الخطورة العالية: حيث تساعد خرائط الخطورة في تحديد المناطق التي تواجه أعلى احتمالات حدوث حرائق، مما يسمح للجهات المعنية بتوجيه الموارد بشكل أفضل، ويساعد ذلك في تركيز الجهود الوقائية في المواقع الأكثر عرضة للخطر، مشيرة الى ان نشر هذه الخرائط يوميا عبر وسائل الاعلام ووسائل التواصل الاجتماعي يساهم  برفع وعي المجتمع المحلي بخطورة الحرائق ويشجع على تجنب السلوكيات الخطرة، مثل إشعال النار في المناطق المفتوحة أو استخدام الآلات التي تولد شرارات.

وللنجاح في مواجهة خطر حرائق الغابات، نوهت مديرة منصة الغابات والحرائقFIRMO بضرورة اتخاذ إجراءات سريعة وحاسمة للحد من مخاطر حرائق الغابات، من خلال: تطوير استراتيجية وطنية لإدارة حرائق الغابات، وتحسين نظم الحوكمة وتعزيز القدرات المحلية لتحقيق الإدارة المستدامة للغابات، عبر تحديد أدوار ومسؤوليات الوزارات المختلفة فيما يتعلق بإدارة وتنسيق استراتيجيات الحد من مخاطر الحرائق، إضافة إلى تعزيز إمكانية الوصول إلى البيانات والمعلومات المتعلقة بحرائق الغابات، وذلك من خلال إنشاء نظام متكامل ومشترك لإدارة معلومات حرائق الغابات، وكذلك استعادة النظم البيئية للغابات للحد من تجزئتها وتقليل المخاطر المرتبطة بنشوب الحرائق، وتوظيف التقنيات الحديثة في الذكاء الاصطناعي وتعلم الآلة والطيران المسير، إضافة إلى التعاون الدولي وتبادل الخبرات، نظراً لأن حرائق الغابات تشكل تحدياً عالمياً ولا يتعلق بدول منفردة.

“الأزعط: الحرائق مفتعلة بهدف الحصول على الفحم أو الحطب، وهناك حلول للحد منها”

ولأن موضوع الحرائق يهم كل فئات المجتمع، كان لنائب رئيس مجلس جمعية حماية المستهلك بدمشق وريفها الأستاذ ماهر الأزعط رؤيته، وطالب عبر لقاء مع موقع لأجلك سورية الاخباري بوضع دراسة تحدد أسباب الظاهرة وطرق العلاج والوقاية، عازيا سبب الحرائق للعوامل البشرية بدرجة كبيرة حيث يسعى المنتفعون للحصول على الفحم لبيعه لأصحاب المطاعم، دون أن يغفل عوامل الطقس التي تؤجج الحرائق وتزيد مساحتها ، ومنوهاً إلى ضرورة التشاركية بين كافة الجهات المعنية فيما يتعلق بالحرائق، وإجراء حوار مع الأهالي أصحاب الأراضي الزراعية للحصول على معلومات دقيقة عن اسباب الحرائق، والعمل باقتراحاتهم للوقاية منها، إضافة للاستعانة بالدراسات التي تقام في الجامعات حول هذا الموضوع، والاضطلاع على الطرق الحديثة لمنع الحرائق كرش نوع من المواد على الأشجار تمنع اشتعالها دون أن تسبب الضرر للشجر وإمكانية تطبيقها في سورية..

خطورة الحرائق لا تزال متوقعة نتيجة الجفاف وسرعة الرياح خاصة الشرقية، وما الحرائق التي اندلعت في ريف اللاذقية مؤخراً إلا مؤشر لضرورة أخذ الحيطة والحذر من التسبب باندلاع الحرائق.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى