وسط آراء متضاربة.. التداعيات الكارثية للحرب الأمريكية على أفغانستان تتصدر الصحف العالمية
تداعيات الحرب الاستعمارية التي شنتها الولايات المتحدة على أفغانستان قبل عشرين عاماً وقرار الرئيس الأمريكي جو بايدن وضع نهاية لوجود القوات الأمريكية فيها قبل أشهر قليلة اتخذت أبعادا كارثية جديدة تصدرت التعليقات عليها والآراء حولها الصفحات الأولى لأبرز الصحف العالمية.
وأمام المشاهد المأساوية لتدافع آلاف الأفغان في مدرج مطار كابول في محاولة منهم للنجاة عبر مغادرة البلاد على متن طائرات أمريكية انقسمت الآراء والتعليقات بين الدعوات لتهدئة الوضع وإنهاء العنف وتسليط الضوء على فشل الولايات المتحدة الذريع وإخفاقاتها في أفغانستان حيث وصفت صحيفة واشنطن بوست في مقال نشرته ما يحدث في أفغانستان بأنه “جزء من هزيمة بطيئة وممتدة للولايات المتحدة الأمريكية”.
وقالت الصحيفة في مقال كتبه محلل الشؤون الخارجية إيشان ثارور إن الانهيار في أفغانستان يبدو “مفاجئا جداً” مشيرة إلى أن الإدارات الأمريكية المتعاقبة أدركت أنه لن يكون من السهل القضاء على طالبان وأقرت بالهزيمة بعد إخفاء حقيقة إخفاقاتها على مدى عقدين.
صحف أمريكية أخرى حاولت التغطية على تداعيات الكارثة التي حلت بأفغانستان جراء الاحتلال الأمريكي من خلال عناوين ومقالات تزعم فيها الحرص على الأوضاع الإنسانية في البلاد ومصير النساء والأطفال في ظل سيطرة طالبان على البلاد متجاهلة ان واشنطن وحدها من يتحمل مسؤولية ما حل بافغانستان والمصير المجهول الذي ينتظر هذا البلد.
موقع وورلد سوشاليست الاخباري المستقل أكد أن أبعاد الكارثة التي تشهدها أفغانستان حاليا لا تقتصر فقط على حقيقة أن الولايات المتحدة خسرت في حرب بنيت على أكاذيب مكافحة الإرهاب بل على المأساة التي يضطر الأفغانيون لمواجهتها بسبب “الامبريالية الأمريكية”.
الموقع أوضح أن حرب أمريكا الإجرامية على أفغانستان انتهت بكارثة ساخرا من إصرار بايدن على الدفاع عن قراره الانسحاب العسكري وخطابه أمس الذي اعترف فيه بطريقة غير مباشرة بان الغزو الأمريكي لأفغانستان عام 2001 بني على الاباطيل كما الحرب على العراق عام 2003 وان المزاعم التي ساقها الرئيس الأمريكي السابق جورج بوش لتبرير حربه على هذا البلد وادعاءه الدفاع عن الحرية كانت مجرد أكاذيب.
وبالانتقال إلى الصحافة البريطانية عنونت الغارديان مقالا لها بـ “لا نساء في الشوارع.. شكل الحياة اليومية في كابول يتغير” أشارت فيه إلى أن مسلحي طالبان قاموا بدوريات في سيارات الشرطة التي استولوا عليها وصادروا الأسلحة من حراس الأمن فيما خلت شوارع العاصمة الأفغانية من النساء اللواتي اختبأن في منازلهن خوفا من التعرض للضرب والتعذيب على يد مسلحي الحركة.
ولفتت الصحيفة إلى أن الناس في باقي انحاء كابول يشعرون بعدم وجود أمل في الفرار إلى الخارج ويفكرون فيما إذا كان ينبغي عليهم الاختباء أو تقييم شكل حياتهم الجديدة في ظل حكم طالبان.
أما صحيفة ديلي تلغراف فقد نشرت مقالات تحت عنوان “طالبان تفكر في إغراق الغرب بالهيروين لدعم الاقتصاد الأفغاني” أشارت فيه إلى أن حقول الأفيون التي لطالما كانت مصدرا مهما للنقد لطالبان يمكن أن تصبح بديلا حيويا لتلك الأموال الدولية ما يؤدي إلى وفرة في الهيروين في شتى أنحاء الغرب.
صحيفة “تاغس أنتسايغر” الألمانية كتبت في مقال تحت عنوان “طالبان باغتت الغرب” أن المسؤولية عما وصلت إليه الأمور في أفغانستان تقع على عاتق الولايات المتحدة وشركائها الغربيين الذين “بالغوا في تقدير تأثيرهم على أفغانستان لمدة 20 عاما” معتبرة أنه من السذاجة تصديق وعود طالبان “المضللة” باحترام حقوق الإنسان والمرأة.
وفيما يتقاذف شركاء الولايات المتحدة في حلف شمال الأطلسي ناتو المسؤولية عما حل بأفغانستان ويسارع الجمهوريون إلى استغلال الوضع لمهاجمة بايدن كشفت تقارير وإحصائيات رسمية حجم ما تسببت به أطول حرب تخوضها الولايات المتحدة الأمريكية من خسائر مادية وبشرية فادحة حيث أفادت احصائيات رسمية بمقتل 641 ألف شخص من قوات الجيش والشرطة الأفغانية منذ عام 2001 فيما كشفت مهمة الأمم المتحدة في أفغانستان عن مقتل نحو 111 ألف مدني في حصيلة يؤكد كثيرون أنها أقل بكثير من الواقع.