مربو الثروة الحيوانية في اللاذقية : صعوبات و معوّقات تهدد عملنا
ياسمين شعبان
صعوبات جمّة تواجه مربي الثروة الحيوانية في محافظة اللاذقية، لجهة الارتفاعات الحادّة في أسعار مستلزمات التربية وعدم قدرة المربيّ على تحمل الأعباء و المتطلبات الغذائية و العلاجية من(أعلاف ، أدوية، لقاحات ، صعوبات تسويقية ، إضافة لقة المراعي الطبيعية وارتفاع أسعار الوقود الضروري في عملية النقل و التدفئة) كل هذه المعوّقات التي ترافق عملية التربية تركت منعكساً سلبياً على المربي و على الإنتاجية و الأسواق أيضاً لجهة ارتفاع الأسعار الجنوني للمواد الغذائية ذات المنشأ الحيواني.
و لأن أصحاب المعاناة هم أكثر قدرة على توضيحها، التقينا بعض مربي الأبقار والدواجن في اللاذقية و سجّلنا معهم اللقاءات الأتية..
فهد فيوض قال : اضطررت لبيع عدد من رؤوس الأبقار في مزرعتي لأخفف تكاليف مستلزمات التربية، فأسعار الأدوية مرتفعة جداً ، وأغلب اللقاحات المتوفرة ليست جيدة وهي لا تضاهي اللقاحات المهرّبة التي تعدّ أكثر فاعلية ، لكن سعرها باهظ ، و أضاف: لانستفيد من حملات التلقيح إلا ماندر ، و طالب فيوض بفتح باب القروض أمام مربي الأبقار و تأمين التسهيلات اللازمة والميسرة للاستفادة منها .
وشاركه الرأي سهيل قرحيلي مربي أبقار أيضاً والذي لفت إلى أن نوعية الأعلاف سيئة فهي تسبب (النفخة ) للبقرة، وأضاف: الأعلاف من الدولة غير كافية ، و في القطاع الخاص سعرها غالٍ جداً ، وكذلك أسعار الأدوية و اللقاحات ، وأوضح قرحيلي أن أصنافاً ضرورية من الأدوية تؤخذ على جرعتين و يصل سعرها ل ٥٠ ألف ليرة سورية. و ختم بالإشارة إلى ارتفاع أسعار التبن و احتكاره ، وبيعه بالسوق السوداء بأغلى الأسعار، و هذه الصعوبات كلها شكلت عائقاً أمامه في تحسين القطيع و زيادة انتاجه .
أما مربيّ الدواجن عدي قاسم أشار إلى المعاناة الكبيرة ، و الخسائر في تربية الدواجن ، و خاصة في ظل الارتفاع الجنوني بتكاليف الإنتاج ، الأمر الذي وقف عائقاً أمام تحقيق هامش ربح حقيقي للمربي ،وأضاف : تتوزع تكاليف الإنتاج بين ثمن الصوص ،و ثمن الأدوية المرتفع جداً، إضافة للعلف ، ناهيك عن نفوق عدد كبير من الصيصان بسبب صعوبة تأمين وقود التدفئة ، و إرتفاع أجور النقل ، و هذا كله أدى لخروج صغار المربين من العملية الإنتاجية.
و للوقوف على أهم المقترحات لتحسين واقع الثروة الحيوانية التقينا رئيس دائرة الصحة الحيوانية في مديرية زراعة اللاذقية د. أحمد ليلا والذي قال :
اذا لم تتوافر زراعة خضراء رديفة للمركزات العلفية حكماً ستكون تربية الأبقار و العجول خاسرة ، وأضاف: ساهم ارتفاع أسعار الأعلاف وقلّة المراعي، و ضعف الغطاء النباتي بأن يكون الميزان التجاري لمربي الأبقار خاسراً ، و هذا أمر خطير، فمثلاً كيلو العلف سعره أغلى من أفخر كيلو حليب و هذه خسارة للمربي .
و عن تربية الفروج قال : عدد المداجن العاملة بالواقع لايتجاوز ٣٠% من مجمل عدد المنشآت بسبب الميزان التجاري الخاسر، فكلفة تربية ٧٠٠٠ طير فروج لمدة ٤٥ يوماً ١٠٠ مليون ، وهذا الحال أدى لخروج صغار المربين من العمل و أبّقى المتمكنين اقتصادياً من الاستمرار ، نتيجة الخسائر المتلاحقة ، إضافة لتأثير الارتفاعات المضطردة بتكاليف التربية سواء لجهة الأعلاف ،أو المحروقات اللازمة لعملية التدفئة و النقل ماانعكس سلباً على المربي و أدى لشّح المادة و ارتفاع أسعارها.
وبيّن د. ليلا أن المؤسسة السورية للأعلاف زادت المقنن العلفي لحدّ ١٥٠ كيلو ، و بيعه بسعر مدعوم ١٠٧٥ ل.س ولكنه لا يغطي الاستهلاك الشهري .
و أشار إلى أهمية تأمين القروض الزراعية الميّسرة ، وأكد على أهمية إقامة منشآت متكاملة تصنيعياً و انتاجياً و تسويقياً مشيراً إلى أن أهم عقبة في وجه المربي اليوم هي التسويق ، وتابع : من المفروض أن يتم إحداث جمعيات لمربي الحليب لرعاية مصالحهم ، إضافة لاتحاد لمربي الدواجن على مستوى القطر لتنظيم العملية التربوية في السوق بحسب حاجته و بشكل متواتر و منتظم ، كما لفت د. ليلا لأهمية إيجاد مسالخ فنية مخصصة و بالتالي تصبح عملية الذبح مراقبة و مضبوطة ، وضرورة أن تكون مدّعمة بوحدات خزن و تبريد لامتصاص الفائض خلال فترات الرّكود ،و أثناء العرض الزائد و تخزينها لعرضها وقت حاجة السوق .
وأشار لأهمية أن يلعب القطاع الخاص دوراً أساسياً في هذا العمل.
و اقترح د. ليلا أن يتناسب سعر الحليب مع تكاليف الإنتاج ، وأن ترفع سقوف القروض الزراعية و تقدم لها كل التسهيلات ، إضافة لضرورة الحدّ من الكميات الكبيرة من منتجات الحليب المجفف (البودرة) المطروحة بالأسواق والتي تتميز بقابليتها الكبيرة للتخزين والمتوافرة بشكل كبير و تنافس المنتج الطبيعي .
ختاماً.. يحتاج النهوض بواقع الثروة الحيوانية تضافر جميع الجهود لتمكّين هذا القطاع، الذي يشكل مكوّناً أساسياً للأمن الغذائي و الاقتصادي و أحد اهم ركائزه .