في العلاقة المتبادلة بين المواطن وحكومته… لعبة الصراحة متى نتقنها؟
لأجلك_سورية غانم محمد
عندما يفقد كل طرف ثقته بالآخر، فالمنتج العام سيكون رديئاً.. المواطن يعلن ذلك علانية، ويعبّر عن سخطه على الأداء الحكومي جهاراً، بينما الحكومة مازالت تقول إنّها تعوّل على وعي المواطن بكلّ شيء، لكن بعض أفرادهاـ أو المديرين الرسميين، يمررون بعض التصريحات التي تهزّ (بدن المواطن).
سنتجاوز هذه المقدمة (غير المفهومة)، ونقتبس مشهداً مما يُرض على شاشتنا الوطنية في التقارير (الميدانية)، فكلّ من يتحدث أمام الميكرفون يكون راضياً عن كلّ شيء، فالسلع متوفرة وبأسعار (مدروسة) والراتب يكفي ويزيد..
أما من جانب المسؤول فإنه (لا ينام) وهو يفكّر كيف يخدمنا ويوفّر لنا كلّ ما نسأل عنه، وأنه بالـ (500) ليرة التي وفرها المواطن في مهرجان التسوّق لم تبق لديه أي مشكلة أو معاناة..
أيضاً سنتجاوز هذه الفقرة، ونصدّق الطرفين، ونمضي إلى جزئية بسيطة جداً، ونسأل: هل يصح ألا يكون المسؤول مواطناً، وهل يصح ألا يكون المواطن مسؤولاً؟
في الشقّ الأول من السؤال، المسؤول هو مواطن (نظرياً) وحاولنا أن نقنع أنفسنا أنه مثلنا، ولا يصدّق متى تأتيه رسالة المواد المقننة، أو متى تأتيه رسالة البنزين، وإنه يأكل من ذات الخبز الذي نأكله، وأن هذا الخبز يصله (معجّناً ومحمّضاً) كما يصلنا معظم الأحيان..
مواطن عادي قال لي (اكتب يا أستاذ)، وأتعب ذلك بأغلظ الإيمان، إنه لا يتذكر متى كانت آخر مرّة اشترى فيه (أوقية لحمة).. قلنا له: صدقناك دون حلفان، فقال: هل هناك مراقب تمويني لا يأكل (اللحمة) مرّتين في الشهر على الأقل، فقلت له: لا أعرف.
قبل أن نخرج من هذه الجزئية، نعترف أن أيّ تعميم خاطئ، هناك مراقبون بضمير حيّ ولا يقبلون أن يكونوا مرتشين، وبالتالي فهم مثلنا لا يأكلون اللحم.
في الشقّ الثاني من السؤال، ليس كلّ مواطن مسؤولاً، وقسم كبير من الناس لا يشعرون بأي مسؤولية تجاه أنفسهم وتجاه بلدهم، وهم أكثر بشاعة من المسؤول الفاسد.. المواطن الذي يسرق الكهرباء، أو كابلاتها، والذي يقطع الشجرة ليبيعها لجاره أو ابن عمه، والذي يقدّم بيانات خاطئة ليحصل على سلة غذائية هناك من يستحقها أكثر منه، والذي لا (يمّشي) أي معاملة دون أن يقبض… إلخ، هو تماماً مثل المسؤول الفاسد أو أكثر بشاعة كما أسلفنا..
ما المطلوب؟
الصراحة، ولو في نطاق لعبة مطلوبة بهذا التوقيت، ومن الطرفين، ودعماً للطرفين..
الحقوق والواجبات للمواطن وعليه، وللجهات الرسمية وصولاً للحكومة أيضاً ما لها وما عليها..
عندما نتقن (لعبة الصراحة) يمكن أن نتشارك في الحلول، وعندما يعتقد كلّ طرف أنه الصادق الوحيد، وأن الآخر يكذب عليه، ستزداد الهوّة وتزداد المعاناة كما يحصل الآن تماماً.