في كل الخطط والاستراتيجيات التي عرفتها الرياضة السورية عبر تاريخها، كانت الرياضة المدرسية ركيزة أساسية وفي مقدمة أولوياتها.. ومع كل وقفة لتصحيح المسار الرياضي بعد أية انتكاسة كانت صيحات الاستغاثة تعلو لانتشالها من واقعها المرير، باعتبارها الداء والدواء معاً، لكن الجهود كانت تذهب سدى في كل مرة، ونعود لنبدأ من حيث انتهينا, والسؤال الذي يطرح نفسه باستمرار هل تفي حصة النشاط المدرسي الوحيدة في الأسبوع حاجة الطالب وصقل شخصيته الرياضية؟ وما هي معوقات تقدمها ، مع أنها كانت حتى ردحاً من الزمن واضحة التألق والسجل الإعلامي الناصع, ومادور مكتب الرياضة المدرسية والجامعية في الاتحاد الرياضي العام بهذا الخصوص, وأين أصبحت توصيات المؤتمر الأول للرياضة المدرسية والجامعية الذي انعقد في أيلول الماضي, جميع هذه التساؤلات عرضناها على السيد فراس العزب عضو المكتب التنفيذي للاتحاد الرياضي العام – رئيس مكتب الرياضة المدرسية والجامعية وإليكم إجاباته..
*- هل الرياضة المدرسية بخير؟ لماذا خفت بريقها ولم نعد نسمع بها؟
ملف الرياضة المدرسية كبير وشائك, خاصة وأننا نعلم جميعاً أنّ الرياضة المدرسية هي الخزان الرئيسي لأية رياضة سواء أكانت فردية أم جماعية ,لكن دون التنسيق والتعاون بين جميع الأطراف المعنية بهذا الملف وتضافر جميع الجهود يعني العودة إلى نقطة الصفر, الاتحاد الرياضي بالتعاون والتنسيق مع الجهات المعنية وبالتشاركية مع وزارة التربية والمنظمات الشعبية أقام المؤتمر الأول لتطوير الرياضة المدرسية والجامعية في أيلول الماضي الذي خرج بتوصيات متواضعة إلى حد ما ضمن الظروف التي تمر بها سورية بعد الحرب الإرهابية عليها والتي امتدت أكثر من عشرة أعوام,حاولنا أن لانرفع سقف الطموحات في القرارات والتوصيات بقدر ماتكون هناك إرادة للتنفيذ .
*- كيف يمكن أن تكون الرياضة المدرسية كما ذكرت هي الخزان الأساسي لصنع منتخبات ورياضة قوية؟
يجب أن نتفق جميعاً ونعترف ونؤكد على أن الرياضة المدرسية هي القاعدة الأساسية والعريضة والتربوية لخلق أجيال سليمة والخطوة الأولى في الألف ميل نحو تحقيق مستوى عال في أي نشاط رياضي..والرياضة المدرسية هي الحقل الخصب للانتقاء العلمي السليم للمواهب الرياضية المتميزة وبالطبع لا ننكر دور الأسرة والمجتمع الصغير واهتمام ورعاية الأب والتعاون مع المدرسة أو النادي فهو الطريق لخلق البطل الرياضي الموهوب.
الوصول للمستوى العالي في أي رياضة يعتبر أساساً على العمر الرياضي للاعب والعمر الرياضي للاعب يعني كم سنة أمضاها في الملعب والتدريب لأنها خبرات وهناك قاعدة عامة ومهمة انه كلما كان العمر الرياضي للاعب أكبر كلما كان أميز وأفضل وأقرب للوصول إلى المستوى العالي, إذا فنحن نحتاج إلى المؤسسات التربوية خاصة المسؤولة عن الطفولة في سنها المبكر لكي تحقق هذه القاعدة .. حتى من الوجهة الاقتصادية لو أحسنا الاختيار والانتقاء وبالأسلوب العلمي الصحيح في السن المبكرة سوف نوفر لنا الوقت والجهد والمال الذي قد يهدر في حالة الصرف على أفراد ليس لديهم الاستعداد أو القدرة للوصول إلى المستوى العالي.
*- نلاحظ أنّ البطولات المدرسية ومشاركاتها الخارجية قلّ عددها خلال سنوات الحرب على السورية , ماالسبب برأيك؟
الحرب كانت سبباً من الأسباب لتراجع الرياضة المدرسية لكنها ليست السبب الرئيسي , لدينا نواة حقيقية في المدارس والأندية والمراكز التدريبية , لكن نعود إلى نقطة سبق وأن أشرنا إليها في أكثر من مرة وهي عدم التنسيق والتشاركية بشكل فعّال وحقيقي بين الطرفين المعنين بهذا الملف وزارة التربية والاتحاد الرياضي, لانريد التشاركية الناعمة والوهمية وعلى الورق فقط , وإنما التشاركية الحقيقية على أرض الواقع, وإن لم تكن على مستوى عال لن تكون لدينا رياضة مدرسية على مستوى كل الألعاب سواء أكانت منهجية أو لا, المنهاج الدراسي كبير وشامل وطالب المدرسة بحاجة لحصة الرياضة لتنشيط الذهن , الرياضة حياة وتفريغ الطاقة السلبية والمدرس يحتاج إلى تأهيل وتدريب مستمر للاطلاع على أخر مستجدات الرياضة داخلياً وخارجياً
*- فكيف ستعملون الأن على إعادة تفعيل علاقة التشاركية بالشكل المطلوب بين الطرفين؟
لعل هذا الأمر كان من ضمن الأسباب التي انعقد من أجلها المؤتمر الأول لتطوير الرياضة المدرسية والجامعية, نحن نحضر الآن لأوراق عمل بعد عطلة عيد الفطر مباشرة لانعقاد ورشة عمل تخص وزارة التربية مع الاتحاد الرياضي العام وجميع اتحادات الألعاب لرعاية الطلاب الذين يمتلكون موهبة رياضية لرعايتهم أيضاً , وعلى مستوى وزارة التعليم العالي اتخذت عدة قرارات لتطوير الرياضة الجامعية لكن تطبيقها يتم بشكل بطيء بسبب عدم التنسيق وتوضيح نوع العلاقة مع الاتحاد الرياضي العام, قامت وزارة التربية بسلسلة كبيرة من البطولات المدرسية خلال هذا العام الدراسي ,لكن لو سألت وزارة التربية أين دور اتحادات الألعاب لاسيما المنهجية المعتمدة في الوزارة برعاية الموهبة الرياضية التي أفرزتها هذه البطولات, طبعاً لايوجد جواب.
*- بماذا تفسر عدم الرغبة والجدية في التعاون؟
هناك مشاكل كثيرة تعاني منها الرياضة المدرسية، حيث تعتمد التربية الرياضية على ثلاثة عناصر “المدّرس، الطالب، الأدوات”، الطالب موجود لكن فيما يتعلق موضوع مدرس التربية الرياضية هل هو موجود أم لا ,اليوم وفي أخر إحصائية كان هناك شاغر لحوالي 4500 مدرس تربية رياضية في سورية فكيف يمكن أن أشجع الطلاب على الرياضة أو أكتشف هذه المواهب إذا لم يكن المدرس الرياضي المتخصص على رأس عمله في القاعات والباحات المدرسية, أما الشق الثاني فجميعنا يعرف اختلاف الأسعار بسبب الظروف الاقتصادية ووزارة التربية لديها خطة جيدة في سبيل دعم التجهيزات الرياضية لكن اليوم مع وجود فروقات بأسعار المواد لم يعد هناك إمكانية لشراء التجهيزات المطلوبة التي كانت سابقاً.
*- هل يتم تأهيل الطلاب المتميزين رياضياً حالياً؟
للأسف نحن اليوم نفقد حتى في الأبنية المدرسية لحظ الباحات الواسعة لممارسة الرياضة , كيف يمكن لي أن أذهب للبحث عن الموهبة الرياضية إذا لم يكن لديّ الحد الأدنى من مستلزمات نجاح العمل الرياضي ,والأمر الآخر عدم وجود المدرس كما ذكرنا ويتم الاستعانة بخريجي المعاهد غير المتخصصين والذين ليس لهم علاقة بالرياضة.
بعد نيل شهادة الثانوية العامة هناك معاهد رياضية وكليات تربية رياضية, وحال المعاهد يشبه تماماً مايجري في المدارس حيث لايمتلك المعهد أي نوع من أنواع الإبداع الرياضي , إن ذهبت مثلاً إلى معهد التربية الرياضية للإناث تجد مقره عبارة عن بناء مدرسي يفتقد لأساسيات إعداد مدرس التربية الرياضية وهنا أشير إلى أنّ الاتحاد الرياضي وضع جميع منشآته تحت تصرف هذه المعاهد وهناك تشبيك مع وزارة التربية بهذا الخصوص بهدف رعاية الموهبة الرياضية
*- أين اصبحت توصيات المؤتمر وهل هناك خطوات تنفيذية على أرض الواقع سنلمسها قريباً؟
بعد عطلة عيد الفطر مباشرة سيتم عقد ورشتي عمل تخصصية من خلال الجلوس على طاولة واحدة الاتحاد الرياضي ووزارة التربية لتعزيز الايجابيات وإزالة السلبيات بهدف رعاية المواهب الرياضية وكذلك الأمر مع الرياضة الجامعية.
صفوان الهندي